بقلم: عبدالله محمد القاق
يحتفل المسلمون- يوم - الاثنين في أرجاء العالم-بعيد الأضحى المبارك في ظروف عصيبة يمر بها العالمان العربي والإسلامي جراء الاوضاع العربية المتأزمة في سورية وليبيا والعراق، واليمن والعدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني الأعزل، وتدنيس المسجد الاقصى ومحاولة تحويله الى معبد وتقسيمه زمانيا ومكانيا وممارساتها المتمثلة بقتل المواطنين الأبرياء وهدم المنازل، واقتلاع الأشجار، ومواصلة الاعتقالات بين صفوف الفلسطينيين في مختلف الاراضي الفلسطينية. وفي هذا العيد يشعر المواطن بالحزن والأسى لما يتهدد هذه الأمة من ويلات وعظائم الأمور جراء هذه الأوضاع السيئة، والتي تمر بها الأمة الإسلامية، من تفكك وخلافات، في حين نحن بحاجة إلى رص الصفوف والكلمة لمواجهة هذه التحديات الكبيرة، وليجعل الله دعاءنا وصلاتنا وحجنا مقبولاً ويهدي المسلمين إلى سواء السبيل. ففي هذا العيد، علينا أن نذكر اخواننا المجاهدين في فلسطين الذين ضحوا وما زالوا يضحون من أجل دحر الاحتلال الصهيوني عن الأراضي الفلسطينية ووقف تدنيس المقدسات ورفع الظلم والمعاناة عن هؤلاء المجاهدين. وفي هذه الناسبة السعيدة التي تهفو القلوب الى الله خاشعة وهي تؤدي مناسك الحج لهذا العام ويسعدني بوصفي رئيس لجنة فلسطين ومقاومة التطبيع في نقابة الصحفيين الاردنيين ان اؤكد ان مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني من قضية انتهاكات اسرائيل للمسجد الاقصى ومحاولة تقسيمه زمانيا ومكانيا كانت ايجابية ومثمرة وقد اسهمت في استصدار قرار من مجلس الامن الدولي بالضغط على اسرائيل لاحترام الدور الاردني في الحفاظ على المقدسات الاسلامية والمسيحية. كما وان اتصالات جلالته مع عدد من قادة العالم لعبت دورا كبيرا في لجم خطوات اسرائيل الاستفزازية تجاه القدس خاصة وان المسجد يتعرض لهجمة شرسة فمن حفريات اسفله الى بناء كنس بجواره الى منع سدنته وحراسه واصحابه من الوصول اليه. ان اسرائيل تحاول من خلال ممارساتها واعمالها القمعية تجاه المقدسيين تسعى لاقامة الهيكل المزعوم محل المسجد الاقصى مدركة ان اشعال انتفاضة شعبية من الصعب تحقيقها حاليا نظرا للانقسامات بين الفلسطينيين كما انها ترى ان التصريحات العربية تنتهي بخطب نارية سرعان ما يتبدد صداها في سماء الازمان التي تعصف بكل زمان ومكان على الاراضي الفلسطينية كما وانها تعتبر ان انشغال العالم بقضية المهجرين العرب في اوروبا لن يجعل دول العالم يكترث بما يجري قي القدس ومقدساتها.
فالمطلوب كما قلت في كلمتي التي القيتها باتحاد الكتاب والادباء الاردنيين بالندوة التي خصصت لرفض انتهاكات ااسرائيل للمسجد الاقصى ان يخوض الفلسطيينيون معركة الدفاع عن الاقصى والمقدسات ابتداء من الضفة والقدس وغزة واراضي عام 1948 المحتلة ووضع استراتيجية وطنية لاطلاق مقاومة سلمية مشروعة من قبل كل اطياف العمل الوطني الفلسطني تتركز في حركتها على الاحتلال ورفض سياسة الاحلالين الديمغرافي والجغرافي بالاراضي المحتلة والعمل على عقد اجتماع عاجل للجنة القدس برئاسة الملك محمد السادس ومنظمة التعاون الاسلامي باقرب وقت لاتخاذ قرارات حاسمة عربيا ودوليا ضد اسرائيل لوقف ممارساتها لتطبيق فكرة التطبيق الزماني والمكاني على الحرم القدسي الشريف.
ففي هذا اليوم- الاثنين -الذي نحتفل فيه بالعيد بعد أن أدى حجاج بيت الله الحرام حجهم المبرور على عرفات، وقضوا أياما حافلة بالتعبد في رحاب البيت العتيق مهللين مكبرين في أن يعيد الله هذه المناسبة على الأمة الإسلامية وهي بالخير واليمن والإقبال، فعن أنس رضي الله عنه أنه قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيه فقال: ما هذان اليومان قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية.. فقال صلى الله عليه وسلم أبدلكم الله بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر". فهذان العيدان نهاية بفرحة لمرحلة ممارسة روحية سامية.. الأضحى بعد مجاهدة الحج والخشوع والإيمان والفطر بعد الصوم والتهجد والتعبد ليكون صومنا وصلاتنا ودعاءنا مقبولاً.. فهذان العيدان هما نهاية موسم طاعة وبداية طاعة، وهو تعبير المسلم عن شكره لله عبر صلاة العيد. كما ونتقدم باخلص التعازي لذوي الضحايا الذين قتلوا بحادث سقوط الرافعة الكبرى في باحة المسجد الحرام الذي ذهب ضحيته 112 شهيدا وحوالي 250 جريحا بعضهم في حالة سيئة. فالعيد الحقيقي حينما يؤدي المؤمنون التكليف الحقيقي ويهجرون الذنوب ويصلون الرحم وأن يتزاوروا لتحقيق المحبة بين الأسر وإدخال الفرح والبهجة بين نفوس الكثيرين، باعتبار العيد يوم سعادة.. وفرح وحبور حيث قررته الشريعة السمحة.. ويتم استعادت المسجد الاقصى من رجس الاحتلال الغاشم. وهذه الأعياد الروحية.. لم يألفها البعض فتراهم يجعلونها موعدا للهو واللعب الطائش والغفلة عن ذكر الله، أو زيارة المرضى في هذه الأيام المجيدة.. فهذا العيد بمعناه السماوي والحضاري يعني الترويح والتنفيس عن النفوس ومعرفة أحوال الناس وهموم الأمة، خاصة في فلسطين وسورية ومصر والعراق واليمن ، وهو بمعناه الحقيقي العمل الجاد، للانتقال من الظلام إلى النور ومن الشقاء إلى السعادة ومن الضنك إلى الهناء، ومن التفكك إلى الاتحاد ومن التخلف إلى التعاطف، ومن الإساءة إلى الإحسان، فهذا هو العيد الحقيقي للإنسان المسلم، فإذا ما افتقدنا هذه المقومات الأساسية، فإن عيدنا سيكون هزيلاً وعقيماً، لأننا في هذا اليوم، نرجو ونضرع أن تمس رحمة الله وعطفه وحنانه كل طفل يتيم وكل أرملة عجوز وكل إنسان، حتى نخفف من الأحزان، لنكون أمة واحدة في أفراحنا وأتراحنا، بحيث تشمل البسمة كل المواطنين، وأن نسهم في الاهتمام بالأقارب والفقراء، لأنها مجاملة أحرى بنا نحن المسلمين لتحقيقها تدبرا بمعاني هذا العيد السعيد، الذي نضرع إلى الله العلي القدير أن يعيد هذه المناسبة وقد انقشعت الغمة عن الأمتين العربية والإسلامية بتجنيب العراق الضربة الأمريكية التي تتهدده، وأن نشهد تحرير المقدسات الإسلامية من براثن الصهيونية ورفع معاناة المسلمين في جميع أصقاع العالم. وبالمناسبة نرفع اسمى التهاني واخلص التبريكات الى صاحب الجلالىة الملك عبدالله الثاني وسمو ولي عهده الامين والاسرة الاردنية ضارعين الى المولى ان يعيد هذه المناسة على كل المسلمين باليمن والسعادة والاقبال. وكل عام وأنتم بخير..!