بقلم : عبدالله محمد القاق
اتسم حديث جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ادلى به لرئيس تحرير الدستور الاستاذ محمد حسن التل يوم الثلاثاء الماضي بالشمولية والصراحة والواقعية والموضوعية، وتناول موضوعات عديدة تركزت حول قضايا اساسية ومفصلية يواجهها الوطن والمواطنون، حيث سلط جلالته من خلال اجاباته الواضحة والشافية الضوء على الكثير من الاسئلة التي تراود ذهن المواطن في مختلف الاصعدة ومنها قانون الانتخاب الجديد الذي ينهض بالعملية الانتخابية التي ستجري في العشرين من الشهر المقبل ويوفر الفرصة لتعزيز مسيرة الاصلاح وتطوير الحياة البرلمانية والتشريعية وتجذير الديمقراطية حيث اشار جلالته ان ما يميز الانتخابات النيابية لهذا العام هو انها تشهد اكبر عدد ممكن ممن يحق لهم الانتخاب في تاريخ المملكة حيث يتجاوز عددهم اربعة ملايين ناخب وناخبة .
والواقع ان الاصلاح الذي ركز عليه جلالته في هذا الحديث ، سبق وان طالب به الاردن في مؤتمرات القمة العربية، وبدأ تنفيذه في مختلف المجالات لأن الاردن يرى في عملية الاصلاح خطوات جادة وفاعلة نحو بناء هذا الوطن وتقدمه وازدهاره ولهذا فإن استمرار نهج جلالته للقيام بعملية الاصلاح، ينطلق اصلاً من الرغبة نحو التطوير الاكيد والفاعل لمختلف اجهزة الدولة وفق اسس ديمقراطية وسليمة وتجذير حقوق الانسان وتمكينه من الفرص المتاحة على جميع المستويات والقضاء على الاشكالات السابقة التي واجهها الاردن وما زالت دول عربية عديدة تواجهها في هذه المرحلة بالذات.
هذه التصريحات، الصريحة والجريئة التي تجيئ في هذا الوقت العصيب والعالم المضطرب لها ميزة الشمولية في الطرح من قبل جلالته للعديد من القضايا ومنها مسألة القدس وانهاء الاحتلال الاسرائيلي العسكري والاستيطاني للأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على جميع الاراضي المحتلة وصيانة وحماية حق العودة للاجئين بناء على قرار الجمعية العامة رقم 194 وقرار مجلس الأمن الدولي 242 الرامي الى مبادلة الارض مقابل السلام واعطاء جهود السلام الفرصة لاثبات فاعليتها في وضع القضية على الطريق الصحيح، بحيث تكون خريطة الطريق هي الاساس لانسحاب اسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة ووقف عمليات القتل والاغتيالات والممارسات التعسفية ضد الشعب والقيادة الفلسطينية.
فهذه السياسة الحكيمة التي قادها جلالته كما لمس القاصي والداني من الحديث الهام لجلالة القائد ستظل نبراساً حقيقياً في سياسة الاردن الرامية الى حل القضية الفلسطينية وفق القرارات الشرعية والدولية ومبادرة السلام العربية وعودة اللاجئين ودعم صمود المقدسيين والقدس ، وفق تصور يمنح الفلسطينيين كافة حقوقهم بعيداً عن اية اجراءات تستهدف طمس الهوية الفلسطينية او الحضارة القومية.
فهذه القضايا الاساسية، التي طرحت اثناء اللقاء تمثل الى جانب القضايا المحلية التطورات الاقليمية والدولية الراهنة ومواقف الاردن منها وهي تشكل عنصراً مهماً نحو مواصلة المشاورات والاعمال لتحقيق العديد من المكتسبات والانجازات الديمقراطية التي يرنو اليها جلالته من اجل بناء اردن عصري يحقق للمواطنين كل ما يرنون اليه من تقدم وازدهار.
ولعل ما نراه من تدفق الاستثمارات على الاردن من الدول الخليجية والاوروبية وغيرها، يؤكد مدى توفير الامن والامان والاستقرار في هذا البلد، حيث اعرب جلالته عن رضاه عن المساعدات والمنح التي تقدمها الدول الشقيقة والصديق من دعم هام لكون ان التداعيات الناجمة عن اللجوء السوري تفاقم الوضع والتحديات تزداد
ونوه جلالته الى ان جيشنا المدافع عن حياض الوطن سوف يظل نبراساً يحتذى في العمل الايجابي لتوفير الاستقرار والأمن وليواصل مسيرة العطاء التي يقودها جلالته في مختلف المجالات بغية رفع مستوى الاردن وشعبه في مختلف المجالات.
لقد كان حديث جلالته الذي انطلق من رغبته في الاصلاح السياسي عبر اجندة وطنية يجسد مدى الاهتمام والحرص الكبيرين لقائد الوطن لكي يظل الاردن الامل والنموذج في العطاء.. والمسيرة القيادية لخدمة قضايا الامة وتحقيق الاستقرار في المنطقة سواء في فلسطين او العراق.
ان رؤية جلالته التي طرحها في هذا اللقاء الذي اجراه الزميل محمد حسن التل ونشرته معظم وكالات الانباء العربية وتصدر صفحات الصحف الاجنبية تؤكد ما سبق ان اشار اليه جلالته في اكثر من مناسبة وخاصة في الصحف الاميركية والبريطانية و الفرنسية مؤخراً من ان رؤيته لهذا الوطن تتمثل في ايجاد مجتمع مدني حديث منفتح متجذر في القيم العربية - الاسلامية التي ترتكز على السلام والمساواة في الكرامة بين جميع الناس وسيادة القانون والسعي نحو التميز ومكافحة الارهاب والتطرف حيث قال جلالته – ان التهديد الامني لوطننا ليس بجديد اذ تسعى العصابات الارهابية منذ زمن لاستهداف الاردن لكن قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية ووعي شعبنا لها بالمرصاد . واضاف جلالته : “ الاعمال الارهابية لن تثنينا عن مواصلة حربنا على الارهاب وخوارج العصر “ ودعا جلالته اجهزة الدولة وخاصة المنابر الاعلامية والد ينية المؤسسات التعليمية للقيام بدورها التوعوي ونبذ التطرف والكراهية والمغالاة البعيدة عن الاسلام دين الو سطية فهي خط دفاع رئيس عن ديننا الحنيف وقيمنا الاصيلة ولا بد من الاضطلاع بدورها بكل مسؤولي وفق استراتيجية شمولية ذات ابعاد عسكرية وامنية وفكرية واقتصادية .
ان هذه الموضوعات التي طرحها جلالته.. تجسد النموذج الاردني النابع من الداخل الملائم للمنطقة بأسرها لاحداث التنمية ومكافحة التطرف وبعث الامل من جديد للخروج بخطة عمل اقليمية طرحها جلالته بكل صراحة بحيث تحقق مستقبلاً مليئاً بالامل الجديد والسلام والحرية العالمية.. وهذا ما رمى اليه جلالته في لقائه الصريح والمميز مع مع الزميل رئيس التحرير المسؤول لصحيفة الدستور والذي كان موضع حديث المحافل العربية والدولية لأهميته، وحساسيته وصراحته المعهودة، خاصة وان جلالته يحظى بالمكانة العالمية المرموقة، ويتصف بالاعتدال والاحترام والمكانة العربية والدولية المرموقة ويسعى بكل جهده للوصول بالاردن الى مصاف الدول الراقية والمتقدمة اذ ير ى جلالته من خلال هذا اللقاء اهمية تضافر الجهود الوطنية والاقليمية والدولية لمواجهة الارهاب وتنظيم داعش الارهابي والاجرامي -هذه الافة الخطيرة - بصورة جذرية وشاملة ليس فقط لانها تزعزع الامن والاستقرار بل لانها تتنافى مع كل القيم والمبادئ الانسانية .