بقلم : عبدالله محمد القاق
تعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع للاحتلال الصهيوني بدلا من يعلون وزير الدفاع السابق يعني فرض سياسة القبضة الحديدية على الفلسطينيين ومطالبته بترحيل عرب فلسطين من الخط الاخضر الى الضفة الغربية وزيادة وتيرة الاستيطان ومواصلة اقتحامات المسجد الاقصى كما اقتحم وزير الخارجية "الإسرائيلي" أفيغدور ليبرمان منذ سنوات ، المسجد الابراهيمي دون سابق انذار، في استفزاز جديد لمشاعر المسلمين، ومحاولة لإشعال حرب دينية. ونقلت القناة "الإسرائيلية" الثانية عن ليبرلمان، قوله خلال اقتحام الحرم آنذاك ، إن "حزب (اسرائيل بيتنا) الذي يتزعمه جزء لا يتجزأ من المعسكر الوطني"، في إشارة إلى اليمين الإسرائيلي. وأضاف: "إن من بين الخطوط العريضة التي نتمسك بها، وعلى رأسها، وجوب القضاء على حركة حماس والتعهد بعدم تنفيذ خطة انفصال عن الضفة الغربية، كما حدث وانسحبنا من قطاع غزة". ومنذ عام 1994 يُقسّم الحرم الإبراهيمي، الذي يُعتقد أنه بُني على ضريح نبي الله إبراهيم عليه السلام، إلى قسمين، قسم خاص بالمسلمين، وآخر باليهود، إثر قيام مستوطن يهودي بقتل 29 مسلماً أثناء تأديتهم صلاة الفجر يوم 25 فبراير/ شباط من العام ذاته. واعتبرت الاوساط العربية والاسلامية ما جرى من اقتحام يهدف من خلاله ليبرمان لتعزيز دعايته الانتخابية والتي تكتسب طابعاً قومياً ومتطرفاً.وشددت على أن هذا الاقتحام للحرم يعتبر استفزازاً لمشاعر المسلمين عامه ولأهل الخليل خاصة، وأن قيامه بدعايته الانتخابية من قلب المسجد الابراهيمي الشريف يعتبر انتهاكاً واضحاً للقوانين الدولية وللمؤسسات الحقوقية التي تمنع الاعتداء على دور العبادة في زمن الاحتلال. ، والواقع ان هذا الاقتحام "يأتي في إطار استفزاز المسلمين، وإشعال فتنة دينية في مدينة الخليل"، مشدداً على أن اقتحام شخص متطرف مثل ليبرمان لمعلم إسلامي مثل الحرم الابراهيمي، "يتطلب تحركاً إسلامياً وعربياً كبيراً". وأوضح أن ليبرمان استغل ورقة الحرم الإبراهيمي كدعاية انتخابية في سياق الحملات الانتخابية البرلمانية، مشيراً إلى أن الفلسطينيين ومقدساتهم ودماءهم وأراضيهم عادةً ما يقعون ضحية هذه الحملات الانتخابية. "إن هذا الفعل الذي قام به ليبرمان يدل بشكل واضح على تشجيع الإسرائيليين واليهود على اقتحام الحرم الابراهيمي وقتل المسلمين كما فعل المجرم باروخ جولدشتاين من قبله عام 1994، ما يدلل أيضاً على تأييد ليبرمان تنفيذ أي عمليات إجرامية ضد المصلين في الحرم الإبراهيمي". ففي الخامس عشر من الشهر الجاري صادفت ذكرى نكبة فلسطين، والتي حلت بالفلسطينيين منذ ثمانية وستين عاما في وقت احتفلت اسرائيل منذ ايام بعيد الاستقلال المشؤوم والمتميز بالاستيلاء على الارض الفلسطينية بدعم من بريطانيا والقوى الاستعمارية الاخرى خاصة بعد احتلال اسرائيل ايضا في عام 1967 لكل من شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان السورية وجزء غير قليل من الاراضي الاردنية والتي ما زالت تداعياتها قائمة حتى الآن بالرغم من مرور هذه السنوات الطويلة على النكبة والنكسة ايضا. ثمانية وستون عاماً تمرّ على عمر النكبة الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، والإسلامية والمسيحية والإنسانية، والتي تجسدت في 15/05/1948 عندما أعلنت بريطانيا العظمى آنذاك نهاية إنتدابها على فلسطين، وإعلان العصابات الصهيونية قيام كيان الإغتصاب الصهيوني على أكثر من 78% من مساحة فلسطين، وما نتج عنه من تشريد وتهجير قسري لأكثر من ثلثي شعب فلسطين، وتحويلهم إلى لاجئين في مخيمات بقيت شاهدة على جريمة العصر وعلى أكبر جريمة إنسانية شهدتها المنطقة، والتي مثلت زلزالاً لا زالت هزاته الإرتدادية تعصف بالمنطقة، ففلسطين مركز الزلزال المدمر الذي لم يهدأ، ولن يهدأ، ولن تهدأ المنطقة معه، إلى أن تنتهي وتزول كافة آثار الزلزال المركزي الذي ضرب فلسطين في الخامس عشر من أيار للعام 1948، فهل يدرك العرب ومعهم العالم أجمع هذه الحقيقة، أن النكبة الفلسطينية هي أم النكبات العربية التي يبتلى بها العالم العربي اليوم.
إن وهم الأمن والإستقرار والسلام في المنطقة، مع إستمرار آثار النكبة الفلسطينية، تكذبه أحداث المنطقة، وأحداث فلسطين، إن وهم تبديد الشعب الفلسطيني وتذويبه، وتبديد الوطن الفلسطيني وتزويره، بفعل القوة الصهيوإمبريالية، وَهمٌ وفريةٌ وكذبةٌ كبرى تضافُ إلى سجل الأساطير والأكاذيب الإستعمارية الصهيونية الإستيطانية، التي تسعى جاهدة منذ أكثر من قرن من الزمن، ومنذ ثمانية وستين عاماً على قيام كيان الإغتصاب، لتمريرها وتثبيتها بشتى وسائل العنف والقتل والبطش والإرهاب والتزوير.
وخلال هذه الحقبة وقعت خسائر كبيرة بالفلسطينيين ومجازر عديدة اقدم عليها الاسرائيليون ساهم فيها ليبرمان وبيغن وموشيه ديان وباراك ونتنياهو وشارون واولمرت وغيرهم في قتل الفلسطينيين وترويعهم وسلب ممتلكاتهم واعتقال ما يوازي نصف مليون فلسطيني عبر سنوات النكبة الفلسطينية حيث نهبوا وسلبوا الاراضي الفلسطينية وشردوا سكانها ولا سيما قرية دير ياسين والتي قتل خلال هذه الحملة الظالمة من الفلسطينيين ما ينوف على ثلاثمائة فلسطيني، فضلا عن مذابح اخرى جرت في السموع والدوايمه وكفر قاسم وقبية بالاضافة الى ما ارتكبه شارون من جرائم بشعة بدعم الكتائب اللبنانية بقتل وتدمير العديد من ابناء المخيمات في تل الزعتر وكذلك في عين الحلوة وغيرها من المناطق.
وقد حصل خلال الحرب عام 1948 هدنة اولى من 11/6- 8/7/1948 تنفيذا لقرار مجلس الامن الدولي وهدنة ثانية في الثامن عشر من شهر حزيران في نفس العام حيث قامت اسرائيل باستغلال الهدنة لتوسيع المناطق التي احتلتها في السابق متجاوزة حدود التقسيم فسعت الى احتلال النقب واخراج القوات المصرية منه وفتح منفذ الى العقبة واحتلال الجليل الاعلى وفي ضوء الهدنة الثانية التي عقدت دون اجل مسمى بدأ وسيط دولي اتصالاته لعقد اتفاقية لهدنة دائمة، حيث بدأت المفاوضات في جزيرة رودس في 13/1/1949 وانتهت الى توقيع اتفاقات دائمة بين اسرائيل وكل من مصر في 24/2/1949 ولبنان في 23/3/1949 والاردن 3/4/1949 وسورية 20/7/1949 . وقد انتهت هذه الحرب المؤلمة بزيادة مساحة اسرائيل الى الثلث، حيث استولى الجيش الاسرائيلي علاوة على ما كان مخصصا لها في قرار التقسيم على القدس والجليل الغربي ويافا واللد والرملة وعكا. واصبحت مساحة الاراضي التي احتلتها واسعة من مجموع مساحة فلسطين البالغة 323.26 كيلومترا .
وفي تقرير نشرته صحيفة هآرتس في 13/3/1998 اشارت فيه الى ان الوكالة اليهودية اعدت مشروعا لمحاصرة الفلسطينيين في اسرائيل ومنعهم من النمو الطبيعي وتشجيع اليهود من الدول الغنية على تملك بيوت واراض في اسرائيل حتى لو لم يهاجروا اليها او يسكنوا فيها ... وبدأت هذه المؤسسات الدولية في ضوء اعلان الوكالة الى منح كل اليهود في العالم مزايا عديدة للاسهام في اقامة مجموعات استيطانية متكاملة في الاراضي الفلسطينية وخنق اي تمدد لها فضلا عن الاجراءات الاسرائيلية بمصادرة الاراضي حيث ان طلب الصانع عضو الكنيست قدم في العاشر من شهر ايار 1998 اتهاما ضد اسرائيل لمصادرتها اراض في النقب وتخطيط شارون انذاك لاسكان 5.2 مليون يهودي في الجنوب.
ولا شك ان المؤامرة الحقيقية على فلسطين قد ولدت في عام 1917 فوعد بلفور الصادر ذلك العام هو اول وثيقة تعترف بالحق الصهيوني وجردت الفلسطينيين من حقوقهم الكاملة.
قد جاء وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني ليكون الجانب العملي لوعد بلفور بعد ان اخذ الصهاينة على عاتقهم اغراق فلسطين بالمهاجرين الصهاينة.
ولا شك ان القرار رقم 194 هو الذي نص على حق العودة للاجئين والحق في التعويض لاولئك الذين يختارون عدم العودة وان يعوض عن الخسائر والاضرار والممتلكات وفقا لمبادئ القانون الدولي والعدالة في حين ان هذا القرار اغفل حق التعويض عن استثمار الاراضي من قبل اليهود طيلة الثمانية والستين عاما الماضية.
وفي هذه الايام التي تصادف ذكرى مؤلمة على اغتصاب فلسطين واراض عربية فاننا نتفاءل بالمعاني الكبيرة التي جسدتها الانتفاضة الباسلة التي مثلها الكفاح الوطني الفلسطيني المتمثلة بالهبة الفلسطينية منذ انطلاقة مسيرته النضالية في بداية العشرينيات من القرن الماضي واوجدت نقلة نوعية في مقاومة الاحتلال حيث اسقطت كل المفاهيم السابقة عن القوة العسكرية الاسرائيلية بالمقاومة الباسلة في جنين وقطاع غزة وطولكرم ونابلس وبيت لحم والخليل وغيرها والتي طالما تفاخر بها الاسرائيليون واستطاعت هذه الانتفاضة ان تنقل القضية الفلسطينية عربيا ودوليا الى بؤرة الاحداث في العالم.