د.رحيل الغرايبة
ودع الشعب الأردني حكومة عبد الله النسور التي مكثت مدة طويلة تصل إلى ما يقارب اربع السنوات، ويستقبل الشعب الأردني حكومة هاني الملقي التي تحمل مهمة إدارة ملف الانتخابات البرلمانية العامة القادمة بشكل أساسي، بالإضافة إلى مهمة أخرى تتعلق بموضوع الاستثمار السعودي الأردني المقترح في المستقبل القريب. الحكومة الراحلة معنية بتقديم جردة حساب للشعب الأردني عمّا تم إنجازه خلال المدة السابقة، وخاصة حول القضايا الرئيسة الكبرى المتعلقة بالمديونية، وحل مشاكل البطالة المتزايدة والضغط الكبير الناتج عن حركات اللجوء الواسعة من دول الجوار، بالإضافة إلى مسألة الإصلاحات المطلوبة على الصعيد السياسي المتعلقة بالتقدم المطلوب نحو مرحلة تشكيل الحكومات البرلمانية، وما يتطلبه من إصلاحات تشريعية مهمة تعالج هذا الموضوع على وجه الدقة، وهناك ملفات أخرى مهمة أيضاً تتناول موضوع التربية والجامعات وإعادة بناء الجيل الجديد القادر على التعامل مع متطلبات المرحلة القادمة. نحن في مرحلة جديدة يجب أن تكون مختلفة عن المراحل السابقة ويجب أن نتقدم خطوة ولو صغيرة إلى الأمام نحو إكساب الشعب الأردني درجة في المشاركة بالاختيار تمهيداً نحو امتلاك القدرة الحقيقية على تشكيل الحكومات البرلمانية عبر فرز انتخابي برامجي يتبلور من خلال برلمان منتخب يمثل الشعب الأردني تمثيلاً صحيحاً وحقيقياً، ونقصد بالتمثيل الحقيقي هو تمثيل التوجهات السياسية المختزنة في الشعب الأردني والمعبرة عن منظومته القيمية والتوجهات الفكرية الجمعية. الانتقال من مرحلة الوداع والاستقبال إلى مرحلة المشاركة ثم إلى مرحلة تشكيل الحكومات يحتاج إلى ثقافة وسوية سياسية مناسبة، تجعل الشعب مؤهلاً للاختيار ومؤهلاً لإدارة حياة حزبية سياسية حقيقية قائمة على مبدأ التجمع على البرامج، وأن لا يكون التحزب على أسس طائفية أو مذهبية أو عرقية أو جهوية، وألا تكون الأحزاب تمثيلات متشاكسة ومتحاصصة ومتنافرة تؤدي إلى حفر الخنادق بين مكونات الشعب الواحد، وتقيم الجدران العازلة بين المكونات المجتمعية في الدولة الواحدة والأمة الواحدة. نتمنى أن يكون التقويم للحكومة السابقة علمياً وموضوعياً، وقائماً على المعلومات والدراسات البحثية، ومن خلال الوقوف على خطة الحكومة وخطاب التكليف وخطاب الرد، وربط الواقع بالأهداف والغايات التي تم وضعها، ونتمنى في الوقت نفسه للحكومة الجديدة أن تكون قادرة على المضي قدماً نحو تحقيق بصمة إيجابية واضحة في المسيرة السياسية للشعب الأردني والدولة الأردنية، وأن تمتلك الجرأة في تسطير صفحة جديدة، ينتقل الشعب الأردني من خلالها إلى آفاق الإصلاح المطلوب ولو بدرجة متواضعة، وأن لا تكون نسخة مكررة لمواطن الفشل والرجوع القهقرى نحو مظاهر التخلف السياسي الذي لا يليق بالأردن ولا بالشعب الأردني ولا يليق بمظاهر الاستقلال المطلوب.