الشاهد -
قواتنا المسلحة كسرت بصمودها مقولة الجيش الذي لا يقهر
تعد معركة الكرامة واحدة من المعارك الخالدة التي كانت بحق بوابة للانتصارات والتي سطر فيها نشامى القوات المسلحة-الجيش العربي اروع البطولات والتضحيات دفاعا عن ثرى الاردن الطهور ولقنوا فيها الجيش الاسرائيلي دروسا لا تنسى وكسروا جبروتهم ومرغوا أنوفهم بالتراب عندما راودتهم مخططاتهم وأطماعهم النيل من الاردن.
لقد كان يوم 21 آذار من عام 1968 علامة فارقة في تاريخ البطولة والفداء حيث كسر نشامى قواتنا المسلحة بصمودهم مقولة الجيش الذي لا يقهر والحقوا بالعدو افدح الخسائر وأرجعوا للامة الكرامة والامل بعد نكسة حزيران واستطاع الجندي الاردني بذلك اليوم وبقيادته الهاشمية المظفرة انتزاع النصر من العدو الاسرائيلي وجعله يعترف بالهزيمة والخسارة ويجر خلفه أذيال الخيبة والفشل، حيث تحطمت اطماع العدو الغادر وأهدافه الدنيئة التي رسمها من وراء المعركة على صخرة الصمود الصلدة بتلاحم الشعب والجند والقائد والتي كانت ركيزة اساسية من ركائز النصر الذي تحقق ومنارة يهتدى بها.
فكانت معركة الكرامة معركة الوجود والموت في سبيل الله الذي يهب الحياة للآخرين متمثلين قول الخليفة الراشد أبي بكر الصديق رضي الله عنه حين قال لخالد بن الوليد رضي الله عنه «احرص على الموت توهب لك الحياة» وهي إحدى الحسنيين النصر أو الشهادة..فكان النصر وكانت الشهادة، فنال الجميع الشرف العظيم دفاعا عن ثرى الأردن وشرف الأمة. وكما قال جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الملك عبد الله الثاني في الخطاب الشامل الذي وجهه للأسرة الأردنية الواحدة «أن قوتنا ودورنا المحوري في المنطقة والعالم ليس صدفة، بل هو من صنع الأيدي الأردنية المثابرة المبدعة التي وضعت الأردن على خريطة التميّز والإنجاز ورفعت راية الأردن عالياً بمختلف الميادين. روح معنوية عالية
واكد متحدثون شاركوا بمعركة الكرامة الخالدة من القوات المسلحة الاردنية-الجيش العربي انها مثلت مواجهة بين الروح المعنوية والقوة العسكرية التي انتصرت فيها الارادة الاردنية جيشا وقيادة وشعبا ومقاومة على ترسانة الاسلحة والعتاد والامكانات الموجودة بين ايدي الاسرائيليين.
وشددوا على ان الروح المعنوية للجندية الاردنية كانت في ذروتها واستمدت من شجاعة قيادتها الهاشمية ودماء شهدائها في حرب حزيران العزيمة والاصرار على دحر الغزاة المعتدين وردهم خائبين وهو ما اثبتته وقائع المعركة وعكسته نتائجها وذهب رهان اسرائيل على وهن الروح المعنوية بعد هزيمة العرب في حزيران ادراج الرياح منذ لحظة ساعة الصفر للمعركة في الساعة الخامسة وعشرين دقيقة صباح يوم 21 اذار.
وقالوا ان نتائج المعركة وصمود الجيش العربي ودحره العدوان والحاق الهزيمة بالجيش الاسرائيلي في ظل الظروف التي مرت بها الجيوش العربية وقهر اسطورة الجيش الذي لا يقهر اسقطت حسابات اسرائيل في تدمير الروح النفسية والمعنوية للجيش العربي للضغط باتجاه قبول سياستها وفق منطق القوة، فكانت المعركة محطة اعادت للامة العربية كرامتها بعد حرب حزيران. درسا قاسيا
اسرائيل ورغم تبريرها الهجوم بانه استهدف استئصال المقاومة على الجبهة الاردنية الا انها كانت تهدف الى احتلال مرتفعات البلقاء وتشكيل «جولان ثانية» تكون منطقة عازلة وواقية لها وضاغطة على الاردن للقبول بشروطها التفاوضية كما فعلت في سيناء وجنوب لبنان وفرض سياسة الامر الواقع في رسم خارطة المنطقة الا انها لم تصل الى اهدافها امام بسالة الجندي الاردني الذي لقنها درسا قاسيا ورسالة قوية من ان العرين الاردني يكون نارا وويلا على كل من يقترب منه او يحاول تدنيسه.
اجواء المعركة كانت تجسيدا حيا لما يتميز به الاردنيون على الدوام من تحويل الصعاب والتحديات الى طاقات لا تعرف اليأس والكلل منطلقين من ايمانهم بربهم وبذل دمائهم في سبيل الدفاع عن الوطن والامة فكانوا كالاسود احيانا والصقور احيانا اخرى في حرب غير متكافئة عسكريا مقبلين لا مدبرين وهو ما ثبتهم وانزل السكينة بقلوبهم من ان نصر الله قريب وكان الجند يتسابقون على تنفيذ الاوامر والواجبات القتالية وهو ما ارهب اعداءهم فكانت لهم الغلبة.
ان نتائج المعركة الهبت المشاعر الوطنية والروح المعنوية عند السكان المدنيين، خلافا لما راهنت عليه اسرائيل وخططت له بتدميرها وزعزعتها ودفعهم على النزوح من اراضيهم وتشكيل عبء جديد على الدولة الاردنية يرغمها على تقديم تنازلات سياسية على الارض وحرمان المقاومة من ايجاد قواعد لها داخل التجمعات السكانية القريبة من حدودها مع الاردن المنحازة لاسرائيل في اعادة التفكير بطروحاتها السياسية في المنطقة. هزيمة العدو
ان التعبئة المعنوية التي بثها القائد الاعلى ودعم الشعب حولت محدودية الامكانات الى استئساد عز نظيره في ارض المعركة فكان الجندي الاردني يواجه الدبابة الاسرائيلية باسلحة متوسطة دون خوف او هلع وهو ما ساهم بانتصار الروح المعنوية على قوة العدة والعتاد وكثافة نيران العدو الجوية والارضية.
الرد العنيف والمزلزل الذي واجهته اسرائيل من نشامى الجيش العربي جعلها تيأس من تحقيق الانتصار وبث الرعب في اوصال العرب من ان اسرائيل قادرة باي وقت على تحقيق اهدافها العسكرية».
مما يؤكد ان اسرائيل فشلت في ايجاد موطىء قدم لها شرق النهر وضمان الامن والهدوء على طول خط وقف اطلاق النار مع الاردن، حيث كان الاردن الوحيد الذي يرد على اي خرق اسرائيلي باطلاق النار شرق النهر بالمثل، مشيرا الى انه في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي لم تطلب اسرائيل وقف اطلاق النار الا بعد ساعات من بدء معركة الكرامة الخالدة وهو ما يؤكد بشكل قاطع اعترافها بالهزيمة ورغبتها بالخروج باقل الخسائر.
وجاءت نتائج المعركة التي اسفرت عن مقتل 250 جنديا وضابطا اسرائيليا و450 جريحا وتدمير 88 آلية اسرائيلية بالكامل منها 27 دبابة و18 ناقلة جند واسقاط طائرة مقاتلة مقابل 86 شهيدا اردنيا و108 جرحى وتدمير 52 آلية ما بين دبابة وآلية.