لافتة للانتباه مفردات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الذي يهدد بعمل عسكري داخل سورية، في تصريحاته لشبكة CNN، إذا لم تتوقف حرب المخدرات على الأردن عبر الحدود.
يقول الوزير في التقرير الذي نشرته “الغد” يوم أمس السبت والذي ينقل تصريحاته للشبكة الأميركية “نحن لا نتعامل مع تهديد تهريب المخدرات باستخفاف. إذا لم نشهد إجراءات فعّالة للحد من هذا التهديد، سنقوم بما يلزم لمواجهته بما في ذلك القيام بعمل عسكري داخل سورية للقضاء على هذا التهديد الخطير ليس فقط في الأردن، ولكن عبر الأردن إلى دول العالم”.
هذه ربما أول مرة يهدد الوزير فيها بعمل عسكري داخل الأراضي السورية، على خلفية ملف المخدرات، هذا على الرغم من تحسن العلاقة الأردنية السورية، وخروجنا قبل أيام فقط من اجتماعات عمان المتعلقة بالملف السوري، والتي شارك بها وزير الخارجية السوري.
إذا عدنا إلى بيان عمان، سنقرأ فقرة كاملة حول التعاون الأردني السوري بشأن ملف المخدرات، حيث تنص هذه الفقرة على تعزيز التعاون بين سورية ودول الجوار والدول المتأثرة بعمليات الاتجار بالمخدرات وتهريبها عبر الحدود السورية مع دول الجوار، انسجاماً مع التزامات سورية بهذا الشأن، وفي هذا السياق، ستتعاون سورية مع الأردن والعراق في تشكيل فريقي عمل سياسيين- أمنيين مشتركين منفصلين خلال شهر لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سورية وتهريبها، والجهات التي تنظم وتدير وتنفذ عمليات تهريب عبر الحدود مع الأردن والعراق، واتخاذ الخطوات اللازمة لإنهاء عمليات التهريب، وإنهاء هذا الخطر المتصاعد على المنطقة.
والمغزى هنا أن هناك توافقاً أردنياً سورياً على البحث الفعلي في حلول لهذه القضية، والفقرة التي أشرت إليها مرتبطة بفقرة ثانية في بيان عمان، تشير إلى أن الدول المجتمعة توافقت على خطوات فاعلة لمعالجة التحديات الأمنية المرتبطة بأمن الحدود، عبر إنشاء آليات تنسيق فعالة بين الأجهزة العسكرية والأمنية السورية ونظيراتها في الدول المجاورة.
لا أعرف لماذا يهدد الوزير بعمل عسكري، في عز تحسن العلاقات، وبدء العمل المشترك على مستوى ملفات محددة، من بينها المخدرات، إضافة إلى الإلماحات المتزايدة حول عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، وهي العودة التي لم يستبعدها الوزير ذاته في تصريحاته لـCNN.
في التأويلات هنا ربما أراد الوزير التعبير عن شدة الغضب من حرب المخدرات على الأردن، أو بهدف الضغط على السوريين للتجاوب مع تعهداتهم في اجتماعات عمان، وعدم التهرب منها، والكل يعرف أن تهريب المخدرات يجري أساسا برعاية أمنية وعسكرية وسياسية من جانب مراكز نفوذ داخل سورية، والرسالة هنا قد تكون موجهة لتجار المخدرات، أو لذات حاضنات الرعاية، أو لوضع السوريين أمام التزامات جدية، وعدم التهرب منها، تحت عناوين مختلفة، وربما تكون الرسالة موجهة للولايات المتحدة، ودول غربية وعربية حول خطورة ما يواجهه الأردن من حرب على الحدود، وهي حرب متواصلة منذ سنين طويلة، ولم تتوقف حتى اليوم.
برغم كل ما سبق تبقى المفردات المستعملة هنا، جديدة إلى حد ما، إذ لم يرد في أي صياغات رسمية أردنية في وقت سابق، أي تهديدات بعمل عسكري داخل سورية، عدا ربما العمليات العسكرية التي تمت ضد تنظيم داعش، لكن بشأن المخدرات هذه أول مرة يتم الكلام فيها صراحة عن هذا الخيار، وفي توقيت غريب، يفترض فيها سعي الكل لتحسين العلاقات، وحل الأزمات بطريقة تبتعد عن إبراق الرسائل، أو التهديد بعمليات عسكرية داخل سورية نفسها.
في كل الأحوال يجزم مراقبون أن دمشق الرسمية لن تكون قادرة على الوفاء بكثير من التعهدات في بيان اجتماعات عمان، لاعتبارات معقدة، داخل سورية، وتحالفاتها الإقليمية والدولية، وهذا يعني أن تعهدات السوريين ستخضع للاختبار الفعلي خلال الفترة المقبلة، بما يجعل تهديدات الوزير تقول فعليا إن دمشق الرسمية إذا لم توقف جماعاتها التي تعرفها عن ممارسة تهريب المخدرات، فإن الأردن سوف يضطر أن يتدخل عسكرياً بما يعنيه ذلك سياسياً ودبلوماسياً، على صعيد العلاقات بين البلدين، خصوصا، حين نستذكر التغيرات في خريطة العلاقات في الإقليم.
الغد
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.