الشاهد - بالإشارة إلى سؤال أحدهم بجواز حج المرأة منفردة أو مع مجموعة نساء، بدون وجود محرم فقد أجابت دار الإفتاء الفلسطينية، بأن الفقهاء اختلفوا في هذه المسألة على أقوال.
وأضافت: "ذهب فريق منهم ( إبراهيم النخعي، والحسن البصري، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد بن حنبل وغيرهم)، بالتمسك بظاهر بعض الأحاديث، فمنع سفرها بغير محرم، ولو كان لفريضة الحج، ولم يستثن من هذا الحكم صورة من الصور، ومن تلك الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لإمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ ثَلاثًا إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ".
وتابعت: أما الفريق الثاني فقد استثنى المرأة العجوز التي لا تشتهى، كما نقل عن القاضي أبي الوليد الباجي، من المالكية.
وأوضحت أن القول الثالث: فقد استثنى من ذلك ما إذا كانت المرأة مع نسوة ثقات، وذهب إلى ذلك؛ عطاء، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، بل اكتفى بعضهم بحرة مسلمة ثقة.
وأشارت الإفتاء الفلسطينية إلى أن القول الرابع منهم اكتفى بأمن الطريق، وهذا ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
وبينت أنه ومع اختلاف العلماء والذي يأتي لتيسير على الناس ورفع الحرج عنهم فإنه يجوز للمرأة التي تريد الذهاب لأداء فريضة الحج، ولا يوجد معها محرم؛ السفر مع مجموعة من النساء الثقات المأمونات، وذلك لأن الأطماع تنقطع باجتماعهن، وخصوصاً مع ما نشهده في أيامنا هذه من انتشار الأمان على الطرق، ومن سهولة وسائل السفر ويسرها.
وشددت على أن الدليل على جواز سفر المرأة من غير محرم عند الأمن ووجود الثقات:
أولاً: ما رواه البخاري في صحيحه، أن عمر، رضي الله عنه، أذن لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن، وقد اتفق عمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف ونساء النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولم ينكر غيرهم من الصحابة عليهن في ذلك، وهذا يعد إجماعاً.
ثانياً: ما رواه البخاري، من حديث عدي بن حاتم، رضي الله عنه، أن النبي صلىالله عليه وسلم حدثه عن مستقبل الإسلام وانتشاره، وارتفاع مناره في الأرض، فكان مما قال: عن عَدِيِّ بن حَاتِمٍ، قال: بَيْنَا أنا عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ، فَشَكَا إليه الْفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ، فَشَكَا قَطْعَ السَّبِيلِ، فقال: " يا عَدِيُّ هل رَأَيْتَ الْحِيرَةَ؟ قلت: لم أَرَهَا، وقد أُنْبِئْتُ عنها، قال: فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ من الْحِيرَةِ، حتى تَطُوفَ بِالْكَعْبَةِ لا تَخَافُ أَحَدًا إلا اللَّهَ"، وهذا الخبر لا يدل على وقوع ذلك فقط، بل يدل على جوازه أيضاً، لأنه سيق في معرض المدح بامتداد ظل الإسلام وأمنه.