بقلم : عبدالله محمد القاق
تحتفل المملكة العربية السعودية هذه الايام باليوم الوطني وسط انجازات كبيرة في مختلف الصعد الوطنية والقومية في ضوء التوجيهات التى رسمها جلالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز يحفظه الله والتي تنطلق من رغبة صادقة في حماية الشعب السعودي ورفع شأنه وتجسيد التعاون العربي والاسلامي وحماية المقدسات والوقوف في وجه التحديات الراهنة والتي رسمت استراتيجيتها تلك السياسة الواقعية والموضوعية التي تقوم اساسا على اضفاء ابعاد اكثر انسانية على هذه العلاقات العربية والدولية وتفعيل قيم التضامن والتآزر بين الامم وتعزيز حوار الحضارات والثقافات والاديان بين الشعوب .
فالاحتفال الذي اقامه الشيخ فهد بن عبدالمحسن الزيد سفير المملكة العربية السعودية في الاردن مساء يوم الاحد الماضي بحضور سمو الامير رعد وبعض الامراء والسيد طاهر المصري رئيس مجلس الاعيان والوزراء وشيوخ العشائر والوجهاء من مختلف ارجاء الاردن هو دليل واضح على عمق هذه العلاقات خاصة وان المملكة العربية السعودية تلعب دورا بارزا ورياديا من اجل دعم الاردن اقتصاديا وتسعى لتجسيد دعمه لعضوية دول مجلس التعاون الخليجي وتقديم منحة خليجية له قدرت بخمسة مليارات دولار نظرا لما يتمتع به من استقرار وامن وطمأنينة، ونظرا للسياسة الحكيمة التي تنتهجها القيادة الاردنية حيال مختلف القضايا الراهنة، وخاصة القضية الفلسطينية ومواجهة الارهاب... ودعم الفلسطينيين في هذه الظروف المأساوية التي تعيشها الاراضي الفلسطينية جراء الاحتلال الاسرائيلي وما يواجهه المواطنون من معاناة وويلات بسبب الحصار الجائر وقضم الاراضي الفلسطينية وتهويد المقدسات وطمس معالمها التاريخية والحضارية وسعيها لايجاد مخرج للازمة السورية تكفل استقرار سورية وابعادها عن التدخل الخار جي ودعم الاخوة السوريين في كل من الاردن ولبنان وتركيا الذين يعيشون في الخيام بسبب ما يتعرض له هؤلاء المواطنون من قهر واضطهاد من النظام السوري .
ولعل الغاء جلالة خادم الحرمين الشريفين الاوبريت الغنائي المعتاد باليوم الوطني بسبب الاحداث المتفاقمة في سورية هو دليل شعور وطني وقومي سعودي جياش مع الشعب السوري الذي يعاني الكثير من الويلات على يد حكومته ونظامه بالمرحلة الحالية مما ادى الى هدم المنازل وزهق الارواح في مختلف المدن والارياف والقرى.
ولاشك ان العلاقات بين الاردن والسعودية تتميز بنموها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي خاصة وان المملكة العربية السعودية هي الشريك التجاري الاول للاردن كما ابلغني وزير التجارة الاردني شبيب عماري امس بعد ان اصبحت المزود الرئيس لها لمادة النفط الخام والمشتقات النفطية كما ارتفعت قيمة الصادرات الاردنية الى السعودية بشكل كبير فيما بلغت المستوردات الاردنية من السعودية ما يوازي ستة مليارات دولار سنويا بما فيها السلع الصناعية والزراعية والمنتجات النفطية. وهذا التعاون المتنامي المشترك شكل فرصة للاطلاع والتعرف الى بيئة ومناخات الاردن الاستثمارية وساحة جذب لاستثمارات السعودية في ظل ما تشهده من امن واستقرار ووجود البيئة التشريعية العصرية والبنية السياسية والمناطق الحرة والمدن الصناعة اضافة لما يتمتع به الاردن من مميزات من خلال اتفاقات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ودول رابطة “إفتا” وسنغافورة وغيرها... وفي ضوء السياسة الحكيمة لقيادة البلدين كما قال السفير السعودي في الاردن الشيخ فهد الزيد لي يوم امس في الاحتفال الكبير في فندق حياة عمان فان العلاقات الاردنية السعودية تتمتع بودية متميزة واخوة وحسن جوار تجلت من خلال الاهتمامات المشتركة والمصالح المتبادلة وحافظت على تلك الروابط بالتواصل والتعاون والتنسيق المستمر كما أسهم في ذلك بتبادل الخبرات والمنافع والاحترام المتبادل والرؤية الواحدة بان تكون كل منهما عمقا استراتيجيا للاخرى.
ان احتفال المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الذي يصادف في الثالث والعشرين من الشهر الجاري من كل عام يجيء في اطار ما يبذله الزعيمان الملك عبدالله الثاني واخوه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لبلورة موقف عربي موحد للتحدث بصوت مسموع يُعطي قوة وصلابة للعرب في الدفاع عن القضايا المصيرية بعيدا عن سياسة المحاور او الاصطفافات .. وهذا يؤكد بل يؤشر ليس على عمق العلاقات الثنائية فحسب وانما ايضا على نهج التعاون والمشاورة الذي ميز العلاقات الاردنية – السعودية والذي يتعمق ويتجذر على النحو المرجو والمأمول والذي رصده المراقبون والمتابعون للمشهد العربي في الزيارات التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني للمملكة العربية السعودية والزيارات المتبادلة بين عمان والرياض على اعلى المستويات وفي مختلف المراحل والمحطات التي مرت بها المنطقة خاصة وان الاردنيين يتطلعون من خلال تلك الزيارات بثقة الى مستقبل العلاقات الثنائية وامكانية تطورها وازدهارها في مختلف المجالات والاصعدة لما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين وهم على قناعة راسخة بأن هذا الجهد العربي المشترك بين الاردن والسعودية بل ومنظومة مجلس التعاون الخليجي سيصب لخدمة قضايا الامة والانتصار لحقوق شعوبها المشروعة في فلسطين والعراق ولبنان والصومال وغيرها وبما يسهم في ازالة الخلافات في ضوء ثورات الربيع العربي وتفعيل العمل المشترك مما يعيد الألق للدور العربي حقناً للدماء التي تسفك في كل من سورية وليبيا واليمن او غيرها ورفضا لكل اشكال الارهاب والعنف والتطرف.
والواقع ان زيارة جلالة خادم الحرمين للاردن الاخيرة والتي استقبلت بالحفاوة الكبيرة والاهتمام الرائع والترحيب الشامل حيث حل ضيفا عزيزا على قائدنا ومليكنا جلالة الملك عبدالله الثاني اسهمت في تجسيد وتكريس لخصوصية وتميز العلاقات الاردنية السعودية التي كانت وما زالت على الدوام نموذجاً في العلاقات العربية - العربية حيث صمدت وتعززت وتطورت وارتقت طوال عقود عديدة على الرغم من العواصف التي حدثت في المنطقة لانها قامت في الاساس على اسس راسخة وعلى رؤى وطنية وقومية واضحة وعلى التزام قومي واخلاقي ووطني ينحاز دائما لقضايا الامة والمصالح العليا للشعبين الاردني والسعودي ولا يدخل في لعبة المحاور او يذهب للمزايدات بل ديدن القيادتين هو دعم المصالح المشتركة وتطوير وتفعيل التعاون الثنائي ودعم القضايا العربية والدولية خاصة وان الزعيمين ببعد نظر واعتدال وانتماء عربي صادق واصيل بقضايا الامة ونصرة الشعوب يدافعان عنها ويتصديان لكل محاولات النيل منها او تشويه حضارتها او الاساءة لدينها العظيم دين التسامح والمحبة والاعتدال والوسطية.
ان المساعدات التي تقدمها المملكة العربية السعودية وخاصة المليار دولار الذي بعث به مؤخرا خادم الحرمين لدعم الاردن- وغيره من مصادر الدعم الاخرى في ضوء الظروف الاقتصادية الحالية التي يواجهها الاردن وموقفه من انضمام الاردن للمنظمة الخليجية واسهاماته العديدة محليا وعربيا بالنهوض باقتصادياتنا تؤكد وباستمرار ان السعودية كانت وما زالت بقيادة خادم الحرمين الشريفين على الدوام نصرا لهذا البلد الشامخ والمعطاء، والشقيق الذي يُقدم له الدعم تلو الدعم لمواجهة التداعيات الاقتصادية بسبب الازمات التي تعصف بالمنطقة عربيا واقليميا ودوليا على مدار السنوات الماضية وتقديرا من الاشقاء في السعودية لمواقف الاردن القومية بقيادته الهاشمية في خدمة قضاياه وعلى رأسها القضية الفلسطينية فهنيئاً للمملكة العربية السعودية في يومها الوطني متمنين لها مزيداً من التقدم والنجاح لتواصل مسيرتها الوطنية والقومية في الدفاع عن قضايا الاسلام والمسلمين وفي دعم التضامن العربي وازالة الخلافات خاصة وان جلالة خادم الحرمين الشريفين يرفع راية العروبة والاسلام ويحمل هموم العرب والمسلمين ويجسد تطلعاتهم المشتركة في التضامن والتعاون البناء لخدمة قضايا الامتين العربية والاسلامية وتعزيز المواقف القومية في مواجهة التحديات الراهنة!. نهنئ المملكة العربية السعودية بيومها الوطني ونتمنى لها مزيدا من التقدم والنجاح والسداد بقيادة وتوجيهات جلالة خادم الحرمين الشريفين والاسرة السعودية الكريمة