بقلم : عبدالله محمد القاق
ان يوجه رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور القيادات الحكومية الى "الانتفاض على نفسها ومحاربة الروتين والترهل الإداري بمختلف اشكاله، والقيام بواجباتها بكل كفاءة فتلك خطوة جديرة بالتقدير والاحترام لانها تنفض غبار الترهل والروتين عن الاجهزة الحكومية لمواكبة العصر وتطوراته. ولا شك ان تأكيد الرئيس النسور خلال رعايته اللقاء التاسع للقيادات الحكومية الذي نظمته وزارة تطوير القطاع العام ا حول تمكين المرأة في قطاع الخدمة المدنية، امس السبت،وقوله "ان الاردن نجح باجتياز كل الظروف الصعبة بفضل قيادته الحكيمة ونبل شعبه وكفاءة اجهزته ومؤسساته"، مشيرا الى ان الادارة الاردنية ومنذ نشأة الدولة "كانت كفؤة ومتميزة في المنطقة ويجب ان تعود كذلك، وأن تكون في خدمة المواطن والمراجع والمستثمر المحلي والأجنبي;, ودعا الادارات الحكومية الى محاربة الترهل الاداري والوهن الذي اصاب بعض جهات الجهاز الحكومي، مؤكدا في الوقت ذاته ان من "يعطل العمل أو يعيقه أو من لا يقوم بواجبه بكل اقتدار أن يفكر بمغادرة مركب الإدارة الحكومية". هذه الاقوال سوف يكون لها مضمونها ودلالتها على النهوض بالاجهزة الحكومية خاصة وانها تأتي بعد عقد مؤتمر المغتربين في الاردن وابداء الحضور مر الشكوى للبيروقراطية والروتين والتلكؤ في انجاز اعمال المراجعين باجهزة الدولة.
فالاردن كما قال الرئيس يمتلك الكثير من عناصر القوة، "وعلى رأسه قيادة هاشمية تتمتع باحترام العالم، ولها علاقات دولية واسعة، وشعب واع وبرلمان يؤدي مهمتيه الرقابية والتشريعية ومؤسسات راسخة، وإعلام حر، وجهاز مصرفي كفؤ وقوي، ونظام قضائي عادل، وأمن مستقر، وبيئة سليمة، وجامعات منتشرة على مساحة الوطن، ونظام صحي عالي المستوى"، الامر الذي يحفز كل ذلك على "تفعيل العمل الحكومي وتصويب الخلل اينما وجد بما يحقق الطموح ويلبي متطلبات الواقع ويساهم في نهضة الوطن. والواقع انه لم يشهد بلد عربي نشاطاً واسعاً وزخماً كبيراً وتحركاً ملحوظاً نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتحديث والتطوير والهيكلة وعصرنة الدولة كما هو الحال في الأردن وبتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني الذي يُعتبر عمله بمثابة ثورة حقيقية على البيروقراطية والفساد، والاهمال لبدء مرحلة جديدة من التفاعل والتطور حيال تفعيل هذه الأجهزة الحكومية، ودرء المفاسد، والتحقيق في قضايا متعددة للحؤول دون وقوع الاخطاء في مختلف المجالات او الدوائر المختصة والتي عانت منها الحكومات المتعاقبة الشيء الكثير.
هذا التحرك مرده الى الرغبة الجامعة لدى حكومة الرئيس النسور في نفض غبار التخلف، او الانتهازية او الشللية، في بعض الوزارات والعمل على تنشيطها بحيث يكون العمل الحقيقي هو الميزان لتقدم الدولة ونهضتها بعيداً عن الاخطاء الناجمة عن المحاباة او سفسطائية الخطاب للدعاية في التغطية على بعض الاحتكارات التي من شأنها تعزيز السيطرة على بعض الدوائر والمؤسسات لتحقيق اهداف ومكاسب ذاتية، في وقت أصبحت كل القضايا مكشوفة وغير قابلة للتلاعب او التزوير في ضوء العولمة.
هذه الخطوات الحكومية التي تجيء في ضوء التوجيهات الملكية تهدف الى تحقيق توجهات استراتيجية لتوحيد الجهود الرامية لمواجهة تحديات ومخاوف المستقبل حول مختلف القضايا، لا سيما وان لجنة الحوار السياسي والاقتصادي انجزت أعمالها للنهوض بمستقبل الوطن، وتحقيق آمال وتطلعات الشعب نحو غدٍ افضل.
ومن الواضح ان ما نشهده حاليا من حراك وتطور وتفاعل في مختلف الاجهزة يجيء نتيجة الجهود المباركة لجلالة الملك عبدالله الثاني عبر السنوات الاخيرة حيث انعكست هذه النشاطات في تحقيق معدلات نمو مرتفعة .
واذا كان هناك اهتمام كبير في الشأن الخارجي، فاننا نلمس وبكل وضوح الدور الكبير الذي يلعبه القطاع الخاص بكافة مؤسساته وقطاعاته في التحديث والعصرنة والاصلاح والتطور باعتباره الشريك الهام والاساس في جميع البرامج والخطط والجهود الوطنية، حيث تحمل هذا القطاع العبء الاكبر في تطبيق سياسات الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي وما زال، ولعب دوراً في دفع عجلة النمو بشكل حضاري ينسجم مع التطلعات والمتغيرات والمستجدات الدولية وحقق نموذجاً فاعلا كمحرك للتنمية المستدامة والانتاج فضلا عن الخطط الكفيلة بتحسين مستويات المعيشة والتصدي لظاهرتي الفقر والبطالة والاسهام في تخفيض عجز الميزان التجاري وتعزيز السياسات المالية والنقدية والاستثمارية وزيادة الثقة بالدينار الاردني كوعاء ادخاري فضلاً عن المحافظة على سعر صرفه مقابل العملات الاخرى.
أما بالنسبة لتطوير القوانين، فقد اسهمت اللجان التي شكلت منذ سنوات برئاسة السيد طاهر المصري رئيس مجلس الاعيان السابق ورئيس لجنة الحوار السابق على اعداد تصورات فاعلة وايجابية لعصرنة قانوني الانتخابات والاحزاب ..كل هذه الاعمال والاجراءات والممارسات الجادة التي تشهدها الحكومة بتوجيهات جلالته أدت الى تبوؤ الاردن مكانة متميزة على الخريطة السياسية والاقتصادية في العالم فضلا عن انها عملت على استقطاب عالمي غير مسبوق للاهتمام بالاستثمار في الاردن وجعله قبلة للمستثمرين الخارجين لخلق مزيد من فرص العمل وايجاد مردود اقتصادي كبير بفضل السياسة الأمنية والاستقرار وحرية تحويل الأرباح ونقل الأموال للخارج.
هذا الحراك الاردني المتعاظم محلياً واقتصادياً وعربياً ودولياً شكل نقلة نوعية لدعم توجهات الاردن في مجالات متعددة لا سيما الجهود التي تبذلها الحكومة من اجل التزود بالطاقة مستقبلا في ضوء ارتفاع متزايد على الطلب للطاقة سواء للزيادة السكانية او بسبب تنامي التطور الاقتصادي والمشاريع الكبرى والتي أخذت او ستأخذ طريقها للمستقبل خاصة بعد ان تمت المباشرة باجراءات انشاء اول محطة نووية بالمملكة باشراف ودعم مباشر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبناء اول محطة نووية في الأردن بمنطقة مقترحة هي «المجدل» بمحافظة المفرق، حيث يتوقع ان تبدأ أعمالها ما بين عامي 2017-2018.
الأمل كبير في تحقيق وتفعيل هذا الحراك الوطني ونفض غبار البيروقراطية عن الاجهزة الحكومية الامر الذي ستعود نتائجه على البلاد بالخير والمنفعة لتحقيق الآمال العريضة التي ننشدها جميعاً لمصلحة اللوطن والمواطنين في هذه الظروف الراهنة والحساسة.