د. هيثم علي حجازي
منذ فترة، ظاهرة جديدة بدأت تطفو على السطح في مجال الإدارة العامة وتتمثل في ترديد البعض من المسؤولين ممن هم على رأس الهرم في المؤسسات الحكومية مقولة "لا أستطيع العمل فأنا لا أملك الصلاحيات ... أنا أتعرض لضغوطات كثيرة" وأشياء عديدة من هذا القبيل.
عادة، وفي علم الإدارة، فإن قائد المؤسسة، ورأس الهرم فيها، يستمد سلطته وقوته من مصدرين: أولهما قوة المركز (المنصب) الذي يشغله النابع من قرار تعيينه وبما بين يديه من تشريعات، والثاني من شخصيته بما في ذلك خبرته في مجال عمله، والمهارات التي يمتلكها، وغير ذلك.
رأس الهرم في بلادنا يتم تعيينه بموجب قرار يصدر عن مجلس الوزراء، وتتم المصادقة على القرار بإرادة ملكية سامية، وجميع المؤسسات الحكومية تعمل بموجب قوانين يقرها مجلسا الأعيان والنواب وتصدر بإرادة ملكية سامية، وأنظمة يقرها مجلس الوزراء وأيضا تصدر بموجب إرادة ملكية، وجميع هذه القوانين والأنظمة تمنح المسؤول الصلاحيات اللازمة التي تمكنه من أداء عمله. فلماذا القول بعدم امتلاك الصلاحيات؟
أعتقد أن المشكلة تكمن في شخص المسؤول نفسه. فبالإضافة الى احتمالية افتقاره للخبرة في مجال عمله، والى المهارات اللازمة، فإن الرعب والخوف من استخدام هذه الصلاحيات وما قد يؤدي الى حدوث صدام مع بعض الأطراف المتضررة نتيجة ذلك، وخشية من ارتفاع الأصوات المعارضة ضده، وحرصا على البقاء في المنصب، يلجأ الى التذمر. إذن القضية ليست قضية وجود صلاحيات بقدر ما هي قضية هل أريد استخدام صلاحياتي أم لا.
مثل هذا الأمر يدعو الى التأني وتحسين عملية اختيار القيادات الإدارية إذا كنا نريد اصلاح القطاع العام