أظهرت نتائج الاستطلاع الذي اجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ان ٢٪ من الأردنيين فقط يفكرون بالانضمام للأحزاب ،نتيجة حتمية لبلد لم يشاهد فيها المواطن احزاباً قوية لها برامجها ورؤيتها النابعة من حياة الناس السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية ،هي نتيجة طبيعية لبلد لم يخض فيها المواطن الحياة الحزبية بكامل تفاصيلها ولم تستطع الحزب الوصول للسلطة وتولي شؤون الناس وخدمتهم ،هي نتيجة موكدة لمواطن كان الانتماء الحزبي له هاجس وخوف وملاحقة .
عندما ننظر لدول العالم المتقدمة والنجاحات التي تحققها تلك الدول في كافة المجالات نجد ان الأحزاب هي من تحكم تلك الدول فالولايات المتحدة الامريكية والصين والدول الأوروبية تركيا سنغافورة ماليزيا واليابان والعديد من دول العالم التي أوصلت شعوبها الى مراحل متقدمة من الرفاه الاجتماعي والتطور الاقتصادي والاستقرار المعيشي هي دول حكومتها حزبية بينما لا زالت تلك الدول التي لم تتقدم فيها الحياة الحزبية تعيش أزمات سياسية و اقتصادية كحال بعض الدول العربية والافريقية .
نجاح مشروع الدولة السياسي من خلال تطبيق قانوني الأحزاب والانتخاب والوصول لحكومات برلمانية منبثقة عن أحزاب برامجية هي مهمة ملقاه على كاهل الجميع والعودة للخلف لن يغير من واقع حياة الناس وسيزيد الأمور تعقيداً فالمواطن بالغالب اليوم لم يعد يثق بمجلس النواب ولا الحكومة ويضع كل اللوم فيما وصل اليه من ظروف معيشية صعبة عليهم ،
المواطن له تجربة طويلة مع الحكومات غير الحزبية امتدت عشرات السنوات وشاهد بام عينيه ما وصلت اليه البلد من مديونية وفقر وبطالة وتراجع في الملفات الصحية والتعليمية وزيادة المديونية وتراجع نسب النمو، فهل سنبقى في نفس الدائرة ونبقى نشاهد نفس الوجوه في الحكومات المتعاقبة ام ننتقل لمرحلة أخرى يقرر فيها الشعب من يمثله في الحكومة والبرلمان ويتحمل مسؤولية قراره ..
بغض النظر عن نتيجة الاستطلاع ليس لنا خيار آخر في المرحلة الحالية الا المضي قدماً في بناء حياة حزبية سيكون لها نتائجها في كل نواحي الحياة وسيقرر بعدها من يراقب المشهد في الانضمام للأحزاب وصناعة المستقبل ام لا ..
منير دية
خبير اقتصادي