بقلم: معاذ أبوعنزة
سيطرق بابنا قريباً زائرٌ خفيف الظل, نشتاق إليه, نترقبه وننتظره من العام إلى العام, إلا أن فراقه عيد في نهاية المطاف, إنه شهر رمضان شهر الرحمة والغفران, شهر فضيل مبارك, أوله رحمة وأوسطه مغفرة وأخره عتق من النار, فرصةٌ للتقرب إلى الله عز وجل مع أن الأصل بالأشياء أن يكون الإلتزام والتقرب إلى الله والحرص على طاعته ومرضاته طوال العام وفي كل الأحوال والظروف وأن لا يقتصر على يوم أو شهر دون سواه, شهر يُرسخ معاني التعاون والعمل والتقارب وصلة الرحم والتسامح ومكارم الأخلاق, شهر يعكس أخلاقنا الإسلامية الحميدة, إلا أنه وللأسف وأقولها وكلي ألم وحرقة بأنه أصبح عند الكثيرين إلا من رحم ربي طبعاً, شهر الولائم والدعوات والبذخ والإسراف بعيداً كل البعد عن الإحساس بمشاعر وظروف الأخرين بسطاء الحال إن لم يكونوا فقراء الحال أو مُعدَمي الحال, أصبح شهر قيام اليل بطوله في الخيم والسهرات الرمضانية والفعاليات الغنائية الراقصة والنوم طوال النهار, شهر البرامج والمحطات الفضائية ومتابعة عادل إمام وملاحقة غادة عبد الرازق من قناة فضائية إلى أخرى حتى يزكي الصائم صيامه ويعطر فمه بذكر الرحمن, حيث أصبح الفرد منا يضع برنامج المسلسلات الرمضانية والكاميرا الخفية وطبق اليوم من قبل شهر من قدومه ليكمل ما فاته من حلقات وبرامج في اليوم التالي على اليوتيوب في العمل ليمضي اليوم بسهولة وسرعة فلم ننسى بعد بأن العمل عبادة, فالإنتاجية في الشهر الفضيل لا يمكننا الحديث عنها لأنها تصل لأدنى مستوياتها إن لم تكن معدومة والحمد لله.
لا نريد أن نغفل أيضا عن شيءٍ مهم وهو التزام البعض بالزي الرسمي لرمضان على حد وصفهم ألا وهو الدشداش الأبيض والمسبحة أي المظر الذي يربطه البعض بالشهر الفضيل مع نسيان الجوهر وهو الأهم والإلتزام والإرتباط الروحي بالشهر وخصوصيته وأن الجوهر أهم بكثيرٍ من المظهر الذي قد لا يمت للشهر الفضيل بأي صلة, ولا نستطيع أيضاً إغفال نقطة مهمة ومحورية في المجتمع وهي ظاهرة الإفطار المبالغ به, بحيث أصبح البعد عن الدين واضح وضوح الشمس, فقد صل إلى أسوء حالته فأصبح إنتهاك حرمة الشهر الفضيل أمرً أقل من عادي وأصبحت المجاهرة في المعصية أمرً طبيعي.
لا نريد الجمع فإن 'خِليت بليت'.
نهنئ الجميع بقرب شهر رمضان المبارك أعاده الله علينا وعليكم.