بقلم عارف العتيبي
ان الاخطار التي تحيق بالامة العربية وتهدد حاضرها ومستقبلها، والمؤامرات المستمرة على الانسان العربي ليعيش في ظلام اليأس وضياع الرؤيا والطموح، تتطلب انتفاضة اصلاحية جبارة، لوقف تيار الزحف التدميري الذي تقوده قوى الشر في ثوب الاستعمار المقنع الجديد. لقد تكالبت قوى المصالح الشخصية، الخارجية منها والداخلية على الشعوب العربية، وتحكمت في سلوكها حتى اصبحت في غالبيتها، مجتمعات تركن الى الاتكالية في عيشتها، والتساهل في مقاومة الفساد، واللين في معاقبة المتخاذلين، وغض النظر عن تصرفات العابثين في مقدرات الامة. لقد وصلت المجتمعات العربية في غفوة الناس وغفلة السلطات المتعاقبة، الى جعل هذه المجتمعات قابلة للانهيار امام عجلة التاريخ، وذلك لعدم تمكن هذه المجتمعات من الصمود امام التحديات التي تتعرض لها في حياتها اليومية. نظرا لما يتهدد العالم العربي من هجوم على عقائده ومبادئه القومية بالاضافة الى عمليات زرع الشك في قدراته، ونشر الفتنة الاقليمية والطائفية والعنصرية لتفتيت بنيته الى اشلاء ضعيفة في مهب الريح، فانه من الواجب على كل القوى الوطنية والقومية والدينية من التحالف والتماسك في وضع البرامج والخطط لخلق (انسان المستقبل العربي) المنتظر. لقد وصل الانسان العربي في خضم التناقضات الى مرحلة لا يعرف فيها ما يريد، واذا عرف ذلك فانه لا يعرف كيف يتصرف، واذا عرف فانه لا يعرف كيف تكون النتائج، واذا كانت النتائج في غير صفة، وضع اللوم والمسؤولية على غيره. ان هذا التخبط في متاهات الضياع يفرض على المفكرين اولا مسؤولية الاصلاح وايصال الانسان العربي الى مستقبل افضل. المعروف عن رجال السياسة في الدول النامية انهم يركبون قطارا يسير على (شريط حديدي) مرسوم لهم للوصول الى هدف محدد لا يستطيعون الانحراف عنه، اما رجال الفكر فلهم طرق كثيرة ووسائل متعددة للوصول الى عقل الانسان العربي واقناعه بكافة الاساليب لتحويل حياته الهامشية الى حياة واقعية مبنية على حقائق تاريخية، تضيء له طريق المستقبل. ان خلق الانسان العربي المطلوب لبناء القوة التي نستطيع بها مواجهة التحديات التي تهدد كياننا، ونحقق بها امانينا، هي مسؤولية مقدسة تتطلع الى تحقيقها امهات الشهداء واحفادهم، كما يتطلع اليها المخلصون الى تاريخهم وامجادهم. اما على من تقع مسؤولية بناء هذا الانسان المميز، وعلى من يسلك طريق الكفاح لتحقيق هذا الامل، فان الجواب سهل وواضح. انهم الاوفياء والمخلصين من الذين امنوا بحقنا في البقاء وحقنا في الحرية والاستقرار، انهم المجاهدون من اجل ابعاد الخوف والظلم والجوع والجهل والفقر واليأس عن امتنا العربية. انهم المناضلون من اجل نصرة الحق ورفع مستوى الانسان العربي ليرتقي الى مستوى المسؤولية والثقة بالنفس. انهم الاسرة والمعلم .. انهم المفكر والمصلح .. انهم رجال الدين والقانون .. انهم الطبيب والمهندس. انهم الفئة الخيرة التي تصنع المجتمتع الخير، والذي عماده الانسان الخير (رجل المستقبل العربي) ولكن هل هي على استعداد لحمل راية الاصلاح والبناء وبالسرعة الممكنة قبل وصول قوى الشر والدمار الى قلوب هذه الامة؟ التاريخ لا يرحم والاجيال القادمة لن تتذكر الا من مهد لها طريق البقاء والنصر. الشباب امل المستقبل وحماته، ومسؤولية مسيرتهم ورعايتها وحمايتها هي مسؤولية وطنية مشتركة تساهم فيها الاسرة والمدرسة والجامعة والحكومة. ان وحدة المشاعر والهدف هي من اهم المطالب الهامة والتطلعات المستقبلية المخلصة.