بلال حسن التل
لايجوز مرور مجريات تشيع الشهيدة شرين أبو عاقلة مرور الكرام،فلم يكن ماجرى تشيعا للإعلامية سقطت برصاص المحتل، لكنه كان فرصة ليعبر أبناء الأمة خاصة على ضفتي نهر الأردن عن حقيقية مشاعرهم وجوهر نظرتهم لما يجري في فلسطين،وأنه احتلال استيطاني مرفوض من أهل البلاد الأصليين،الذين يؤمنون بضرورة تحرير أرضهم كل أرضهم،ولذلك فإنهم يقدسون الشهادة ودماء الشهداء، عندما تبذل في مقاومة هذا المحتل، وكشف حقيقته البشعة، والأهم من ذلك إنهما: الشهادة ودمائها يوحدان أبناء الأمة على اختلاف مشاربهم واتجاهاتهم وأديانهم،وقد قدم تشيع الشهيدة المرحومة بإذن الله شرين أبو عاقلة أنصع صورة لهذه الحقيقة، عندما تعانق أذان المساجد مع قرع أجراس الكنائس أثناء التشيع ،وعندما كان المطارنة يصلون عليها فيقول المسلمون والمسيحيون من خلفهم "ٱمين"حتى إذا ما انتهت صلاة الآباء عليها حملها المسلمون على أكتافهم يكبرون ويهتفون ...."والشهيد حبيب الله" في برهان جديد على أن رابطة الوطن بين أبناءه أعمق بكثير مما يظن بعض الجهلة،الذين يتناسون أن حب الوطن من الدين ،وأن من مات دون أرضه فهو شهيد.
لقد كشفت مجريات تشيع جثمان الشهيدة شرين بصورة عملية ملموسة أن أبناء الأمة يرون إسرائيل عدوا حقيقيا، وأن فلسطين هي قضية الأمة الأولى ،وهذا تأكيد عملي لما توصلت إليه استفتاءات مراكز الدراسات من أن غالبية أبناء الشعب الأردني يرون بأن قضية فلسطين هي قضيتهم الأولى .
لقد زاد من وضوح دلالات التشيع المهيب لشيرين ارتباطها بالقدس ،فالقدس كانت على مدار تاريخ الأمة هي المحرك المركزي للقضية والعمل من أجل تحريرها، وهو دور سيعود للقدس قريبا، وسيكون تشيع شيرين محطة هامة من محطات هذه العودة.
دلالة أخرى من دلالات تشيع شيرين ،هو مدى رعب العدو الصهيوني من كل رمز أو إشارة من رموز وإشارات وعي الأمة وصحوتها،لذلك كان هذا العدو طوال الأيام الماضية يحاول أن يعرقل تدفق الناس لموكب تشيع الشهيدة،لأن هذا التدفق يشحذ روح الشهادة لدي جماهير الأمة ، كما حاول هذا العدو منع أي رمز من رموز العزة والكبرباء لذلك فقدت السلطات المحتلة لفلسطين أعصابها، وتصرفات بعنف وهمجية لمنع رفع علم فلسطين أثناء التشيع لأن العلم يحرك لدى الناس مشاعر الاعتزاز والكبرياء والحرية والاستقلال، وهي مشاعر يخاف منها المحتل.
رغم كل همجية المحتل فقد فجر تشيع شيرين كل هذه المشاعر، التي علينا أن نلجأ إلى كل الوسائل كي نبقيها متأججة،لأن العدو المحتل سيسعى بكل جهده لإطفائها.
دلالة أخرى من دلالات تشيع شيرين أبو عاقلة ،هي أن الموت يكون لحظة الولادة والخلود لبعض بني البشر ،وأولهم الشهداء ،لذلك فإن الرصاصة التي قتلت شرين أبو عاقلة صباح الأربعاء الماضي،كانت في الحقيقة شهادة ولادة وخلود لها في ضمير الأمة وتاريخها يرحمها الله.