بقلم عارف العتيبي
نشتم الاستعمار لأننا اعتقدنا بأن ما وصلنا اليه في دولة (شرق ستان) من تراجع وتخلف، وتنافر وترهل ووهن سببه هو ذلك الاستعمار الذي رحل غير آسف عما تركه من آثار الانكماش والتقوقع وفقدان الثقة حتى بأنفسنا. زحف مغادرا على وجهه بعد ان رأى الفساد والنفاق والوصولية والانتهاز خوفا من ان يصاب باحدى جراثيمها القاتلة المعدية. قالوا بان الاستعمار كان وراء المحسوبية والرشوة، الغلاء والسبب في المصاريف وزيادة الضرائب والديون. وقالوا ايضا بانه وراء انتشار الاعلام الفاسد، والتخلف في التربية الوطنية والقومية وهو الذي اعد البرامج والمناهج الاتكالية والاعتماد على القدر في حل جميع المصاعب والتغلب على كافة التحديات. اتهموه بأنه هو الذي فتح الابواب امام الشللية الضيقة، والاقليمية البغيضة، والمصالح الذاتية، وكثرة الحقائب برعاية ومراقبة النوائب الذين حصلوا من الاستقرار اطلال وخرائب. مسكين هذا الاستعمار، لقد قالوا عنه وهو بريء من هذه التهمة الباطلة بانه هو الذي يقف في وجه تحقيق العدالة الاجتماعية، والاقتصادية، ووراء حرمان وضع الانسان المناسب في المكان المناسب. قالوا بانه هو الذي وراء كثرة الحقائق ونثر النوائب من اجل اتساع الهوة بين من يقطنون الخرائب ويحرسون الزرائب، والحدود مفتوحة على الغارب مع ابتسامة كل خائب في ساحة لم تعد فيها مكاسب، بل مخالفات وضرائب. منع هذا الاستعمار اللعين فتح ملفات الفساد واسترداد اموال دولة شرق استان الى اهلها، وخاصة الفقراء والمرضى الذين حرموا الغذاء والدواء. قال احد ابناء الاستعمار الراحل: بأن جزءا من هذا الضياع تتحمل مسؤوليته الفعاليات الشعبية والحزبية والنوائب (الشرعية) والتي تاهب على دروب المكاسب الذاتية و(مائة عين تبكي ولا عين نبوية). وقال احد قادة جيوش الاستعمار: انتم وراء الخطب الجوفاء والزغاريد الخرقاء والدبكات العمياء، والهتافات الفحشاء ولسنا نحن. وقال احد وزراء مالية الاستعمار: نحن لنا فضل كبير في التسيب وملء الحقائب الموسمية، الصيفية منها والشتوية وصرف الرواتب التقاعدية لهم والتي تأكل نصف الموازنة حتى لا نفتح المجال امام البطالة والاكتفاء الذاتي والتسلح وبناء القوة، لانها ضد مصالحنا. اما وزير الصحة في دولة الاستعمار الثانية فقد قال: لقد طلبنا منع دخول الفقراء الى المستشفيات وعدم السماح للتأمين الصحي لكافة ابناء (شرقستان) وان صدف ان احد المرضى الفقراء وصل احدى المستشفيات وخاصة الخيرية منها والحكومية فلا يسمح له بالمعالجة حتى ولو توفاه الله على مدخل العيادة، وان مات في العيادة فلا يدفن حتى يدفع المبلغ الكافي. واما وزير الشؤون الاجتماعية في نفس تلك الدولة فقال: لقد امرنا اصحاب القرار بان يسكن الفقراء في العراء تحت نار الصيف وبرد الشتاء لان الاموال العامة يجب ان تكون من نصيب الاغنياء والاقوياء لنصرف على الرحلات والحفلات ونوادي الغزاة. وزير الامن الداخلي والخارجي في وزارة الاستعمار الثالثة قال: ان من اهم المحافظة على التبعية والابتعاد عن الوحدة الوطنية، والوحدة القومية هو اختيار من يتخرجون من معاهد الجاسوسية والتبعية. اما وزير الثقافة والاعلام فقد صرح بكل فخر واعتزاز وقال: على الدول التي استعمرناها في فترات متقاطعة من الزمن ان تشكرنا لاننا انقذناها من مساوىء ومشكلات الحرية في الرأي والرأي الاخر، والتربية الوطنية، والانتماء والالتزام.