عبدالهادي راجي المجالي
في البداية تلك ليست فكرتي ولكنها فكرة للنائب السابق كمال الزغول طرحها في جلسة.. وودت نقلها لكم يقول الزغول: ليس بالضرورة أن تكون الأحزاب سياسية بحتة.. فمن الممكن أن نؤسس حزبا زراعيا, يعيد الأردن إلى زمن الستينيات والسبعينيات حين كان لدينا الاكتفاء الذاتي, من القمح واللوزيات والحمضيات.. وحين كان الجنوب يطعم الأردن كلها من العدس ويصدر..
يوجد لدينا (6) ملايين دونم، من أراضي الخزينة, وقصة أن هذه الأراضي معظمها صحراوية هي كذبة, بل معظمها يصلح للزراعة..
ويضرب النائب الزغول مثلا على ذلك بالقول: القطرانة وجوارها تصلح لزراعة الشعير, لو أن الدولة فكرت بتأجير تلك الأراضي للناس.. وأنشأت السدود الصحراوية غير المكلفة لكنا بوضع يغنينا عن الاستيراد.
استهوتني فكرة الحزب الزراعي، لا يوجد ما يمنع من تجمع الناس على قضية ليست بالضرورة أن تكون الألوية فيها للسياسة, بل تكون تنموية زراعية ومن ثم سياسية.. يتم عبرها استقطاب الكفاءات وعبرها أيضا نؤسس للمزارعين منبرا سياسيا.. وقوة حقيقية في الدولة, وعبرها أيضا تقدم المقترحات للدولة بشأن أراضي الخزينة والاستثمار فيها.. ومن الممكن أيضا أن نؤسس نافذة تسمح لنا بالاستثمار في أراضي الدولة.
في الجلسة التي حضرتها، قال بعض المتحدثين أيضا: إن وصفي التل منح للدولة هوية مهمة وهي الزراعة، فمعظم المشاريع التنموية التي اطلقت في عهده، من المخطط الشمولي لعمان.. وضرورة التوسع العمراني في المناطق الملحية الشرقية, ومنع البناء في الأراضي الخصبة غرب عمان.. وحتى أنظمة وقوانين سلطة وادي الأردن, وما تعلق بالثروات الحرجية.. كل المشاريع التي أطلقها كان هدفها تحديد هوية الدولة بالزراعية.
أنا لا استطيع أن ادعي أنها فكرتي, ولكنها استهوتني.. وأجزم أن تجمع المزارعين في حزب يحمل تطلعاتهم وأحلامهم هو ضرورة، لأن السياسة في الأردن تنتج الثرثرة أكثر مما تنتج القمح, وتنتج المناصب أكثر مما تنتج العدس.. وتنتج المصالح والزبائنية.. أكثر من انتاجها للخضراوات..
هنالك أحزاب في أوروبا قامت على مبدأ الدفاع عن البيئة ونجحت, واكتسحت البرلمانات.. وهنالك أحزاب قامت على مبادئ إنسانية ونجحت، وبعضها كان يقدم برامج في الضريبة والزراعة والتأمين... تحملها الحكومات وتتبناها.
انا مع حزب يقوم على المزارعين, وعلى المهتمين بهوية البلد.. حزب يتجاوز أطر الثرثرة والاجتماعات والتصفيق, حزب يذهب للأرض مباشرة... فهنالك (6) ملايين دونم من أراضي الخزينة قابعة, بلا استثمار.. بلا تراب يحرك أو يحرث فيها.. إن أجمل ما تفعله الأمم هو أن تذهب للأرض مباشرة.. كونها الحياة, وكونها التعبير الحقيقي عن النهضة والإرادة..
وجه الأرض يبقى أجمل وأصدق من كل وجوهنا..
Abdelhadi18@yahoo.com