بقلم عارف العتيبي
في ذكرى معركة الكرامة والبقاء نحمدك الله حمدا يليق بعلمك ونحن نحمل في باطننا رغبة الغرائز لنعيش وننتصر في معركة البقاء المشرف، ورغبة العقل لندرك الحق، ونتحكم في تلك الغرائز حتى لا تجمح وتتعدى حدود الحق والخير. كم نتمنى ان تعود مثل هذه المعركة لاسترداد جميع حقوقنا المشروعة في استرداد الارض المحتلة وعودة شعبها العربي الاصيل الى كل الارض الفلسطينية من البحر الى النهر، وعودة الجولان وغيرها من الاراضي السورية واللبنانية وغيرها. كم نتمنى ان تنهض الامة العربية من غفوتها وتنفض غبار التردد واليأس وتعود ثانية الى صفوف امجادها لتحافظ على ارضها وتراثها بكل عزة وكرامة. لم تذب الآمال والطموحات في شحذ الهمم، ورفع المعنويات وعودة روح المودة والمحبة التي هي الاساس في البنيان التنموي واسترداد الحقوق المشروعة والزاهي لوحدتنا. علينا ان نسأل انفسنا .. هل هناك عزيمة توقظ الامة من رقدتها؟ وهل هناك صحوة تعيد التوافق وزمان الوحدة؟ هل يتوفر بين صفوفنا من على استعداد للنضال من اجل الحرية والوحدة العربية .. واستعادة الحقوق المشروعة؟ هل نرغب الغوص في اعماق التاريخ لنعرف من نحن وما قدمه الاباء والاجداد للحضارة والتحرير؟ هل تنوي القضاء على الافك والاستسلام، والخلاص من الاهداف المفضوحة الدخيلة؟ الجواب كلمة واحدة وهي .. نعم .. ومعركة الكرامة الخالدة دليل على ذلك. لم تكن معركة الكرامة ملحمة اندحار وخيانة، ورموز وارقام، وتردد وترهل وفتنة، وكثر كلام، وجحود وعمالة، وتراجع وبريق استسلام ورسل شيطانية، وغزاة وابناء حرام. كانت معركة الكرامة الخالدة منارة امام كل من كان يعتقد بان الهزائم في النكبة والنكسة وغيرها اصبحت منهجا للقوات العربية التي لم تخلف وراءها قبل المعركة سوى العار والدمار. معركة الكرامة تبقى خالدة على مر التاريخ وفي ضمائرنا ابناء الامة العربية، لانها كانت المنعطف الحقيقي في مسيرة الجندية العربية والتي اعادت لنا ما فقدناه في معارك النكبة والنكسة. في الكرامة استطاع الجندي الاردني والمواطن الفدائي الفلسطيني ان يحطم اسطورة العدو الصهيوني الذي لا يقهر. معركة الكرامة في نظر الكثيرين من العسكريين والاستراتيجيين شكلت بوابة الفتح لمعارك العبور وتحرير سيناء والقنيطرة في عام 1973 وكانت نهاية النهوض العسكري لاستعادة امجاد الامة وبطولاتها. لقد كانت هذه المعركة شهادة اخرى من شهادات التاريخ البيضاء، لهذه الامة، وبأنها قادرة على تحقيق النصر. اعادت هذه المعركة للمقاتل العربي ثقته بنفسه بعد ان كانت الامة في صراع مرير مع عناصر الخوف والشك واليأس والتخاذل في نفس الوقت الذي كان فيه العدو يتستر خلف ستار الحقد والخديعة والتزوير والاستعداد الى تحقيق اهدافه في اقامة دولة الغدر من الفرات الى النيل ولا تزال رايته تحمل هذه الاهداف وهذا الشعار حتى هذه اللحظة وبمعونة العملاء والجواسيس ومن شارك في القتال الى جانب صفوف العدو وقد القينا القبض على بعضهم من اسرى العرب في معركة الكرامة حيث كانوا يقودون طلائع زحف اليهود وهم الذين ارشدوا ويرشدون العدو عن مراكز ومواقع رجال المقاومة الفلسطينية حتى هذا التاريخ في المناطق المحتلة.