الشاهد - جاءت علا لتصالح الجمهور الغاضب من مريم. وترمم بها "نتفليكس" علاقتها بالمشاهد العربي سريعاً بعد هجوم كاسح تسبب فيه أول إنتاجها السينمائي بالمنطقة، فيلم "أصحاب ولا أعز"، الذي اتهم بقائمة من الخطايا، ورمى المنتقدون أبطاله بأقسى العبارات، بخاصة منى زكي في شخصية مريم، لكن جاء استقبال الجمهور لإنتاج "نتفليكس" العربي الجديد مسلسل "البحث عن علا" لهند صبري أقل صخباً، وحتى المعترضون كان صوتهم خافتاً، بل كانت هناك إشادات كثيرة بمحتوى العمل، وبالأفكار التي يطرحها، على الرغم من أن الجانب الفني للمسلسل المكون من ست حلقات فقط كان يحمل بعض الارتباك.
علا عبد الصبور تبحث عن نفسها
بعد 12 عاماً جاءت علا عبد الصبور "هند صبري" من جديد، هذه المرة توحي بأنها ترغب في الارتباط مجدداً، ولكنها في الأساس تبحث عن ذاتها، وليس عن عريس مناسب أجهدها فيما قبل قرابة الثلاثين حلقة، لتجده الصيدلانية التي تعيش في أسرة متوسطة الحال، وتحاول أن تهرب من الضغوط حولها بالعثور على زوج في أقرب فرصة، انتهت نصف حكايتها في سبتمبر (أيلول) عام 2010 بالزواج من هشام "هاني عادل" لتعود وتستكملها هذه المرة مع منصة "نتفليكس" ومعها عدد لا بأس به من طاقم العمل الأصلي، بينهم الكاتبة غادة عبد العال والنجوم سوسن بدر وهاني عادل، وذلك على الرغم من تأكيدات نجوم المسلسل أنه لا يعتبر جزءاً ثانياً بأي حال من "عايزة اتجوز" الذي عرض في شهر رمضان 2010.
ومع تردد أقاويل من هنا وهناك بأن مسلسل "نتفليكس" نفسه سيكون له موسم ثانٍ، فهل وجدت علا نفسها في حياة البنايات الفارهة والمجمعات السكنية التي ارتبطت في الأذهان بطبقة معينة من الأثرياء، بعد أن تركت الشقة الصغيرة، وتغيرت حياتها تماماً، وبعد أن علمت أن الزواج لم يحل كل مشكلاتها، بدليل أنها انفصلت عن الرجل الذي أرهقت المشاهدين قبل سنوات لتجده، وتفرح وهي تزف له عروساً بالفستان الأبيض.
مجتمع جديد لامرأة مختلفة
ماذا تريد علا؟! ما يطرحه العمل أنها أيقنت ما خسرته في حياتها الماضية، وأنها تريد أن تعيش ما فاتها في رحلة البحث عن رجل، بعد أن اكتشفت أنها نسيت نفسها، ففي وقت كان يجب أن تختبر فيه تجارب جديدة كانت تحصر نفسها في خانة اللوم والحيرة والانتقاص من الذات، والآن أدركت أنها "دكتورة صيدلانية"، لديها مهنة يمكن أن تخلق من خلالها كياناً بعد أن تركها زوجها فجأة في منتصف الطريق.
"أصحاب ولا أعز" في مرمى وسائل التواصل
ابنة في عمر المراهقة "نادية"، وطفل وسيم يدعى "ساليم"، وليس "سليم"، كما تشدد والدته وتعيد مراراً وتغضب ممن يخطئون في نطقه، وحماة أرستقراطية، وأم تهتم تقول رأيها في كل صغيرة وكبيرة وتصبح وجهاً إعلانياً لمنتجات ابنتها المطلقة، وانفتاح أكثر على أصدقاء جدد وشراكات لم تكن على البال، وزملاء مدراس الأبناء وآبائهم أيضاً. عالم مختلف لا يشبه ما واجهته وهي تحاول أن تشبه الأخريات، وأن تكون أسرة مثلهن، عالم الصغار يعرفن الكثير عن تطبيقات المواعدة، وهناك مدربون متخصصون لانتشال النساء من آبار الاكتئاب، وببساطة الحياة مفتوحة، لم يكن ينقصها سوى النظر من شباك مختلف واستعادة الثقة بالنفس ووداع علا صاحبة الشخصية المهزوزة التي تشعر بأن العيب فيها هي.
هل تستمر رحلة البحث؟
تغيّرت الصورة تماماً مع انتقال علا إلى مجتمع مختلف، وهو الأمر الذي اعتنى به جيداً المخرج هادي الباجوري الذي لا يزال يخلص لصورة الفيديو كليب المجال الذي تميز به، حيث يدقق كثيراً في التفاصيل الجمالية. علا وحواديتها بدت أكثر ملاءمةً بالفعل لعالم المنصات الذي احتفت بانطلاتها الجديدة عليه، كما أن ضيوف الشرف الذين زاحموا الأبطال الرئيسين في "عايزة اتجوز" تقلص عددهم بطبيعة الحال بما يلائم عدد الحلقات، وتم الاهتمام بأدوارهم كما ينبغي ولم يكن ظهورهم كيفما اتفق، أبرزهم خالد النبوي وفتحي عبد الوهاب ويسرا وشيرين رضا وبيومي فؤاد.
هند صبري تحافظ على الخطوط الرئيسة لشخصية علا عبد الصبور التي توحدت معها فتيات كثيرات قبل 12 عاماً، كما لا تزال الشخصية تكسر الحواجز بنيها وبين المشاهد وتتحدث للجمهور مباشرة بين حين وآخر، وهي طريقة تعتبر من لزمات الدور وإن كانت تواجه أكثر من مأزق، بخاصة ممن يرون أن هند صبري يجب ألا تزور مناطق الكوميديا كثيراً، ولكن النجمة التونسية المصرية تدرك أن الضحك ليس من مهامها الأولى، بالتالي هي تترك مهمة الإضحاك لنجوم غيرها في العمل بينهم محمود الليثي الذي نجح بجدارة في دوره، كذلك تميزت ندا موسى في أدائها لشخصية الصديقة، فيما تحاول هند صبري في هذا العمل أن تتخلى عن المبالغة التي صاحبت أداءها في "عايزة اتجوز" مع المخرج رامي إمام.. علا وجدت نفسها، ولكن الدراما لا تزال مفتوحة على مصراعيها، فهل قريباً ستعود الأم الشابة بقصص جديدة ورحلة بحث ثالثة؟!
على الرغم من الاستقبال الإيجابي للمسلسل، فإنه لم يسلم من بعض الهجوم الذي لم يصمد طويلاً بسبب ظهور بطلته ببدلة رقص شرقي في حلقة كانت ضيفة الشرف بها الراقصة والممثلة المصرية دينا، ولكن على ما يبدو أن الطابع الكوميدي البحت جعل طابور المهاجمين يتنحون بعض الشيء، ليمر المسلسل على غير عادة أعمال "نتفليكس" في العالم العربي من دون الاتهام الجاهز بتنفيذ بنود أجندة المؤامرة على المشاهد العربي، وهو ما حدث في أعمال سابقة بينها المسلسل الأردني "جن".