لعلّي لن أُضيف شيئاً على ملايين من كتبوا عن (ريان وبئره).. أنا ومن هم حولي كانوا هناك معه من أوّل الوقوع نفَساً بنفس و صراخاً بصراخ واستغاثةً باستغاثة..!
كانت تمرّ الدقائق والساعات والأيام علينا.. كنّا عمياناً نبحث عن طريق تعيد إلينا أعيننا التي سكنها التراب.. كنّا هناك نناشد الحكومات العربيّة أن ترفع عنّا صخورها الثقيلة وأن تركض نحونا بالزاد والزوّادة.. كنّا نتلمّس "ريّان" بيننا بأعوامه الخمسة ونعي أن العالم كلّه متوقّف عنده ولا أحد ينظر إلينا معه؛ لكننا قلنا إن خرج بخير وسلام فسنقتفي أثره خلسة عن العالم وهو مشغول بالاحتفال..!
لكنه قدر الله.. تقف أنفاس الطيور قبل البشر في لحظة خروج "ريّان" ترقص الدنيا متشابكة مع دموع الفرح.. لحظات ليست كاللحظات.. وهوسة عُمريّة لن تتكرّر.. وبعد أن نتجهز لبدء الاحتفال تتحوّل دموع الفرح إلى دموع حارقة مليئة بالألم والدهشة القاتلة..!يا الله.. الشهيق الذي قبل قليل لا يشبه الشهيق الذي يتناوب علينا الآن..!
نعم .. خرج "ريّان" جثّة هامدة.. وانقلب العرس إلى مأتم.. ولكننا - يا قوم - ما زلنا عالقين هناك تحت الأرض وكلّ جماعة في بئرها اللعينة.. فأرجوكم واصلوا تنبيشكم عنّا لأنكم على أقلّ من نصف موتٍ من وجودنا.. لا تتوقّفوا أيها العرب.. لا تديروا لنا ظهوركم.. وأخرجونا من ظلماتنا إلى نور الحياة.. نريد أن نكون نجوماً في السماء لا بترولاً تحت الأرض..!
أيها المديرون ظهوركم: يكفي ما سقط من كلّ "ريان" وانقذوا 300 مليون "ريان" ما زالوا تحت صخوركم وأتربتكم بلا خطط مستقبلية ولا أحلام لديهم سوى الخروج..!
كامل النصيرات
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (٠٧٩٩١٣٧٠٤٨