أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية عربي ودولي كيف تم توثيق مقتل زعيم «تنظيم الدولة» وقصة رجله...

كيف تم توثيق مقتل زعيم «تنظيم الدولة» وقصة رجله المقطوعة!

07-02-2022 12:49 AM
الشاهد -

وائل عصام

قبل إعلان بايدن الذي حسم الجدل حول هوية الشخصية المستهدفة في الغارة الأمريكية على أطمه في إدلب، أمضى الصحافيون ووكالات الأنباء العالمية نهار الخميس 3 فبراير/شباط في التسابق على تحديد هوية القيادي المستهدف.
إحدى وكالات الأنباء اعتقدت أنه قد يكون من «القاعدة» أو تنظيم «حراس الدين» وخصصت جزءا من موضوعها لأرشيف اغتيالات «القاعدة» السابقة في سوريا وليس تنظيم «الدولة». أحد الصحافيين الأمريكيين المتابعين لشؤون الجماعات الجهادية، نشر صورا لقادة «حراس الدين» ورجح أن أحدهم هو المستهدف، ثم توقع صحافيون وباحثون آخرون أن المستهدف هو الظواهري.
كل هذه الافتراضات كانت واهنة منذ البداية، لسببين، الأول أن الأمريكيين لا ينفذون عادة عملية إنزال أرضي إلا على أهداف لتنظيم «الدولة» وليس «القاعدة» أو «حراس الدين» هناك حالات سابقة تظهر ذلك، فالبغدادي قتل بالطريقة نفسها، وتركت جثته وأخذوا فقط رأسه، بينما قيادات «القاعدة» أو «حراس الدين» كان يتم استهدافهم عادة بغارات جوية من مسيرات، أي أن طبيعة العملية وطريقة تنفيذها كانت ترتبط عادة بنوعية الهدف، فعند اغتيال قيادات رفيعة من تنظيم «الدولة» لا بد من تنفيذ إنزال أرضي لعدة أسباب من بينها، توثيق مقتله والحصول على عينة «دي أن أيه» من الجثة، وصور للتأكد من هوية القيادي، كالبغدادي أو خليفته عبد الله قرداش، بينما كانت كل عمليات استهداف قيادات التنظيمات المرتبطة بـ»القاعدة» كـ»حراس الدين» وغيرهم تتم بقصف من طائرة مسيرة، دون تنفيذ أي إنزال، فهذه التنظيمات أقل قيمة أمنية بالنسبة للأمريكيين، كما أن التحقق من اغتيالهم يكون من خلال مصادر محلية، من دون الحاجة لأخذ عينات «دي أن أيه» بينما يتميز تنظيم «الدولة» بالتكتم الشديد وصعوبة تسريب أنباء من داخله.

مكان اختباء زعيم التنظيم يكون عادة سريا ولا تعلم به إلا حلقة ضيقة، وحتى هؤلاء يتواصل معهم من خلال مندوب أو اثنين بمراسلات شخصية

لذلك كان من الواضح بداية، أن المستهدف هو قيادي رفيع من تنظيم «الدولة» وليس من «القاعدة» أو تنظيم آخر وليس الظواهري، لكن من يا ترى هذا القيادي؟!
هنا ومع غياب وتكتم المصادر الأمنية الأمريكية التي نفذت العملية، لا بد من البحث عن الخبر اليقين من نوعين من المصادر، من المقربين من تنظيم «الدولة» والمسؤولين الأمنيين في «تحرير الشام» الذين هرعوا للمنزل المستهدف، وعاينوا جثث القتلى، أغلب المقربين للتنظيم توقعوا بالفعل أنه زعيم التنظيم، لكن حتى قيادات التنظيم، لم ولن يعرفوا حقيقة الأمر حينها، لأن مكان اختباء زعيم التنظيم يكون عادة سريا ولا تعلم به إلا حلقة ضيقة، وحتى هؤلاء يتواصل معهم من خلال مندوب أو اثنين بمراسلات شخصية، لذلك كان السبيل الأسرع للتثبت من هوية القيادات المستهدفة هم المسؤولين الأمنيين من «تحرير الشام» الذين وصلوا للمنزل وعاينوا جثث القتلى، خاصة عندما يكون أحدهم قياديا سابقا في تنظيم الدولة، ويعرف القيادات العراقية، وقد قال إنه شاهد جثة لرجل تطابق مواصفات زعيم تنظيم الدولة عبد الله قرداش، من ناحية ملامح الوجه وكذلك رجله المقطوعة، وكنت قد نشرت عام 2019 تقريرا مفصلا عن قرداش ذكرت فيه، أنه تعرض لإصابة بقصف مسيرة أمريكية في الموصل أدت لقطع رجله، ولهذا كانت هذه البصمة الجسدية، مؤشرا آخر على ترجيح مقتل زعيم التنظيم، تضاف لحديث

المسؤول الأمني عن تطابق شكل الوجه، ترافق ذلك مع اطلاعي على مقاطع فيديو مسربة، تظهر جثث القتلى ومن بينها جثة قريبة من ملامح قرداش، لكن الدليل الحاسم كان صورة خاصة حصلت عليها ممن عاين الجثة والتقط صورة لوجهه، وأرسل الصورة لي بشكل حصري، وتظهر تطابقا حاسما مع ملامح وجه زعيم تنظيم الدولة. وكنت قد نشرت في عام 2019 في «القدس العربي» المعلومات الأولى عن شخصية زعيم التنظيم، وكشفت عن أنه كان المفاوض الرئيسي في عملية إطلاق رهائن القنصلية التركية في الموصل، وشرحت في هذا الموضوع كيف ينتمي بعض قيادات التنظيم لمدينة تلعفر التركمانية وينسبون أنفسهم في الوقت ذاته لعشائر عربية ونسب قريشي، كزعيم التنظيم القتيل، وكذلك فاضل الحيالي النائب الأول للبغدادي (أبو معتز القرشي) ذلك أنهم من أصول عربية توطنت وتتركت في بيئة تلعفر، فعشيرة الحياليين مثلا التي ينتمي لها فاضل الحيالي منتشرة بين المناطق العربية السنية في الطارمية وبروانة حديثة والموصل وغيرها من المناطق، بل إن بعضهم بقي في سنجار وأصبح إيزيديا، اما لفظ قرداش فهو مجرد لقب مأخوذ من كلمة تركية تعني الأخ، تطلق مجازا على المجموعة المنتمية للتنظيم من أصول تركمانية من تلعفر فيقال لهم «القراديش».
أمير محمد سعيد عبد الرحمن المولى، أو أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، أو حجي عبد الله قرداش، أو أبو عمر، كما كان معروفا داخل التنظيم، عراقي من تلعفر، درس في كلية الإمام الأعظم في الموصل، وكان مقرباً من أبي علاء العفري، وقيل إنه كان في المهجع نفسه مع البغدادي في فترة الاعتقال داخل سجن بوكا.
تولى مسؤولية الدواوين في العراق، وكان أيضاً من أعضاء اللجنة المفوضة في العراق، ولعل الدور الذي اشتهر به حينها هو إدارته مع شقيقه ملف التفاوض مع تركيا لإطلاق سراح القنصل التركي وطاقم القنصلية التركية، إبان سيطرة تنظيم الدولة على الموصل منتصف 2014. وتعرضت علاقة حجي عبد الله لخلاف مع البغدادي، فعوقب وجرد من بعض مهامه، قبل أن يصاب حجي عبد الله وتقطع رجله في الموصل. ويتمتع تركمان تلعفر بمكانة مهمة في تنظيم الدولة، منذ تأسيسه، ويتركز وجود التركمان في محافظة نينوى في منطقة تلعفر غرب الموصل، وينقسمون طائفياً إلى سنة وشيعة، وبسبب النزاع المبكر بين شطري المدينة السنة والشيعة، نما التيار الجهادي السلفي بسرعة بين التركمان السنة، وإن لم يكن جديداً بالكامل عليهم، فقد دخلت الحركة السلفية إلى تلك المدينة في بداية التسعينيات، لكن انتشارها ظل محدوداً لحين سقوط بغداد، وكان عبد الرحمن محمد مصطفى المعروف بـ«أبوعلاء العفري» أبرز وجوه هذه الحركة، وقد انضم مع عدد من رفاقه مطلع عام 2000 لجماعة أنصار الإسلام التي كانت موجودة شرق كردستان ثم تحول اسمها إلى أنصار السنة بعد 2003.

 




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :