بقلم : عبدالله محمد القاق
في الوقت الذي تتوجه فيه دولة فلسطين الى مجلس الامن الدولي للمطالبة بتحديد موعد لانهاء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين التاريخية وترفض اميركا ذلك بل وتدعو الدول الاوروبية للحذو حذوها تواصل اسرائيل اعمالها وممارساتها العدوانية ضد المقدسات وتسعى جاهدة لزيادة رقعة الاستيطان في الاراضي المحتلة وخاصة مدينة القدس. ولكن ان تعلن اسرائيل منذ ايام عن بناء ما محموعه“ 1500” وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية، ومصادرة 34 دونماً على مدخل مخيم شعفاط شمال مدينة القدس تمهيداً لتوسيع المعبر العسكري الذي يجري بناؤه وهدم حوالي 25 منزلاً جديداً في سلوان وبعض المدن الفلسطينية يعتبر تحدياً جديداً ليس للسلطة الفلسطينية التي قدمت طلباً للاعتراف بالدولة الفلسطينية في الامم المتحدة، بل الى الولايات المتحدة الاميركية التي اعربت فقط عن “خيبة الامل” لهذا القرار الذي يتعارض مع “جهودها” لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.
هذا الاجراء الجديد كان مثار بحث في مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف حيث اعتبر المجلس هذا الاستيطان والتدمير، غير مقبول ومجافٍ ومنافٍ ايضاً لحقوق الانسانية خاصة وان عدد المباني التي دمرت في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ شهر كانون الثاني من هذا العام بلغ “387” مبنى على الاقل من بينها منازل في القدس أدى الى تشريد 755 فلسطينياً من بيوتهم وهو اكبر من العدد الذي شرد فيه الفلسطينيون على مدى عام 2010 كله!. وهذا القرار يُشكل صفعة للدول التي تدافع عن اسرائيل، وتدعو الى مواصلة الحوار والمفاوضات معها لأن هذه الاجراءات التعسفية على أيدي السلطات الاسرائيلية تخالف المادة “49” من ميثاق ضيق وكذلك ضم القدس الشرقية والمستوطنات الاسرائيلية هناك خاصة وان هذه المستوطنات كما قال الامين العام للامم المتحدة “لن تحظى بالاعتراف الدولي!”.
لقد كان خطاب الرئيس الفلسطيني في الامم المتحدة الذي رفض بدء المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي الا بعد الاعتراف بالمفاوضات بحدود عام 1967، وكذلك وقف الاستيطان، نقطة تحول في تاريخ السلطة نحو التوجه السياسي، حيث كان للمرة الاولى يتجاوز المفاوضات مع اسرائيل ويتحدى ادارة اوباما التي تقدم له المساعدات في القضية المركزية والمحورية وهي قضية فلسطين!
وبالرغم من مناشدة الدول الكبرى لاسرائيل بالموافقة على تجميد الاستيطان خلال المفاوضات المقبلة التي تُصر عليها الا انها تواصل انتهاكاتها بشكل بارز وواضح خاصة استمرارها في بناء الجدار العازل في الضفة الغربية، اذ ان الحكومة الاسرائيلية استملكت ما يزيد على “61%” “473” كيلومتراً من طول الجدار البالغ “774” كيلومترا مربعاً فيما يجري العمل الآن على 54 كيلومترا جديداً لهذا الجدار لتطويق المزيد من المناطق والقرى في الضفة الغربية مما سيعزل مناطق مساحتها 13% “773” كيلومتراً مربعا من مساحة الضفة أي ما بين الجدار وخط الهدنة الصادر في عام 1949 فضلاً عن ان اسرائيل اعلنت مناطق امنية على طول الجدار تتراوح نسبتها من 150-200 متر وتشكل 4.4 في المائة من الضفة الغربية، وهذا يعني بمثابة خطر جديد يهدد المناطق الفلسطينية وتخطيط متعمد للسيطرة على كامل شرق الضفة الغربية التي تطلق عليها منطقة العزل الشرقية التي تشكل 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية والتي كانت اسرائيل قد اعلنت عن معظمها منذ احتلال عام 1967 بانها مناطق عسكرية!!
هذه الاجراءات التوسعية والاستيطانية الرامية الى قضم الاراضي وتهجير المواطنين، تهدف ايضا الى السيطرة على الموارد الطبيعية في المناطق المحتلة منذ عام 1967 حيث كانت سلطات الاحتلال وما زالت كما يقول الدكتور جاد اسحق مدير معهد الابحاث الفلسطينية لممثلي الاتحاد الاوروبي والقناصل المعتمدين لدى السلطة الفلسطينية وما زالت تتحكم في المناطق المحتلة بكل ما يتعلق بنقل واستيراد البضائع والجمارك والضرائب المفروضة على الفلسطينيين، مما يشكل خسارة كبيرة ورفع اسعار الكهرباء بشكل باهظ وتقييد حريات التجارة والصناعة، والحركة للمواطنين الفلسطينيين كافة.
.
والواقع ان اسرائيل تحاول بمختلف الصور قلب الحقائق والقفز على الواقع، وايهام المجتمع الدولي بأن الفلسطينيين هم الذين يعرقلون السلام العادل والدائم في حين ان التوسعات الجديدة والتهويد الاسرائيلي في مدينة القدس بانشاء “115000” مستوطنة بعد اعلان السلطة التوجه للامم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس، يؤكد ان الاستيطان سيظل عقبة جديدة لأي مسعى سلمي، والا كيف نفهم ان اسرائيل تريد السلام والمفاوضات وهي لا تتقيد بمبادئ الشرعية الدولية بوقف الاستيطان وتحاول ان تقنع المجتمع الدولي بأنها راغبة بالسلام دون شروط محددة، وهم الذين يضعون القيود والشروط وينسفون مبادئ الحوار الذي تنادي به الولايات المتحد، بل وتدعم اسرائيل في توجهاتها!؟
آن الأوان لكي يستشعر هذا المجتمع عبء اسرائيل على الحلفاء وخاصة الولايات المتحدة بضربها عرض الحائط كل القرارات الدولية ومواصلة الاستيطان دون الاستجابة للرغبة في احلال السلام الدائم والعادل والمشرف في المنطقة!. رئيس تحري سلوان الاخبارية abdqaq@orange .jo