الشاهد - حمادة فراعنة
سجل يوم الخميس 14/10/2021، حدثا مأساويا لشعب لبنان، بسقوط الشهداء والجرحى، تعبيراً عن فقدان الأمن والاستقرار، وحدة المواجهة السياسية، و توفر عوامل الاستعداد للتفجير، وغياب قيم التفاهم والشراكة، بين طرفي الخلاف السياسي الأمني : 1-حزب الله وحركة أمل من طرف، 2- والقوات اللبنانية وحزب الكتائب من طرف آخر، ووفق المعايير اللبنانية ومفرداتها : صراع بين الشيعة والمسيحيين.
عنوان الخلاف، الصراع، المواجهة هو بقاء أو استقالة قاضي التحقيق طارق البيطار .
خلفية الخلاف انفجار ميناء بيروت يوم 4/8/2020، الذي دمر نصف المدينة، وأكثر من مائتي شهيد وستة آلاف جريح، وتشريد آلاف العائلات التي خُربت بيوتهم.
تحت ضغط الشارع، احال مجلس الوزراء قضية التفجير إلى المجلس العدلي (القضائي) وكلف المجلس العدلي (القضائي) قاضي التحقيق طارق البيطار، الذي رفض بداية أمر التكليف لحساسية القضية وتعقيداتها، وكلفتها الشخصية، وتم تكليفه للمرة الثانية، فاستجاب مجبراً على قبول التكليف وفتح ملف القضية، وعمل على استدعاء الشهود والمتهمين تباعاً.
حزب الله الذي حظي باحترام القطاعات الأوسع من اللبنانيين لدوره القيادي في طرد قوات الاحتلال، وهزيمة الإسرائيليين، واجبارهم على الرحيل عن جنوب لبنان، وهو دور دفع العرب والمسلمين والمسيحيين، وأحزابهم وقياداتهم، لأن ينظروا إلى حزب الله، بعين التقدير ووضعه بمكانة الرائد للمقاومةوعنوانها.
ولكن سياسات حزب الله الداخلية اللبنانية، باعتباره حزباً لبنانياً، وفرضه رؤى أحادية، ذات طابع تسلطي أفقده المكانة اللائقة التي تمتع بها، بسبب تصرفه كحزب سياسي يتطلع إلى السلطة، ويتفق مع المصالح الإيرانية ملتزما بها، إلى الحد الذي دفع الكاتب الصحفي الإيراني أمير طاهري لينقل عن الجنرال الراحل قاسم سليماني قوله عن أمين عام حزب الله «حسن نصر الله لم يكن ليشرب الماء من دون التشاور معنا» تعبيراً عن قوة الالتزام الذي يتصف به ومدى العلاقة المتداخلة بين طهران وحزب الله.
مسيرة حزب الله المسلحة، بالكلاشينات وقذائف الآربي جيه والملابس السوداء القاتمة، دلالة على الاستعداد المسبق للمواجهة وكسر إرادة الأطراف اللبنانية الأخرى، التي تصرفت وواجهت المسيرة بالطيش والقتل.
إحدى القنوات التلفزيونية سألتني عن إشتباكات الطيونة يوم الخميس 14/10/2021، هل هي شبيهة بما حصل في الديوانة يوم 13/4/1975، كبداية للحرب الأهلية اللبنانية؟؟.
قلت إن هناك احتمالين: الاول أن يكون يوم الخميس مثيلاً للشرارة التي فجرت الحرب الاهلية اللبنانية، والثاني أن ما جرى مجرد رسالة سياسية متبادلة من قبل الاطراف اللبنانية ، وهذا يعتمد على الأفعال يوم الجمعة، وتبين صحة التقدير، أن يوم الخميس مجرد رسالة سياسية عنيفة همجية، وليست بداية لحرب أهلية، فقد توقفت الاشتباكات، ليس فقط بسبب تدخل الجيش اللبناني وتطويق منطقة الاشتباكات، بل بسبب أن القرار الدولي الإقليمي، يسير بإتجاه التهدئة في المنطقة، ودلالته الحوار الأميركي الإيراني لإعادة التوصل إلى الاتفاق النووي، والحوار السعودي الإيراني الذي يهدف التوصل إلى تفاهمات، ولذلك لن تجد الأطراف اللبنانية المختلفة المتصارعة حاضنة إقليمية دولية لها تدعمها وتغطي احتياجاتها لمواصلة الحرب الأهلية.
ما جرى يوم الخميس صراع على النفوذ الداخلي المحلي، بين الضاحية وعين الرمانة، بأدوات عسكرية غير ديمقراطية متطرفة، ستبقى صداماتها متقطعة، إلى أجل مفتوح غير محدد حتى تتغير موازين القوى لبنانياً وإقليمياً، وتدفع بإتجاه إنهاء سيطرة السلاح غير الشرعي على الشارع اللبناني.
لبنان وشعبه يستحقون الأجمل، فقد كان نموذجاً متقدماً للرفاهية، وتداول السلطة، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، أما اليوم فهو يعيش الفقر والاحتكام لقوة السلاح وبطشه.