تحصين الجبهة الداخلية: التربية والتعليم
د. محمد طالب عبيدات
ان التحديات الجم في مجال الغلو والتطرّف والارهاب، وكذلك محاذير الفتن الطائفية والفتن الخارجية والداخلية، والتي تواجه اقليم الشرق الأوسط برمّته والأردن كجزء منه، تتطلّب وضع أولويات لمحاربة هذه الثقافة الدخيلة على ديننا وثقافتنا وموروثنا الحضاري على السواء، وأجد امتلاكنا لمشروع نهضوي وطني أساسه التربية والتعليم يقع على سُلّم أولوياتنا في هذا الصدد، الى جانب التركيز على القيم الدينية والثقافية والأخلاقية وغيرها، بالاضافة الى التربية المدنية والسياسية وامتلاك مشروع اصلاحي ينطلق من الرؤى الملكية السامية لجلالة الملك المعزّز كخريطة طريق للتكاملية والتنسيق فيما بين الجهات المختلفة بُغية تضافر جهودها وليضاف للجهد الجمعي المترادف لما تقوم به الدولة الأردنية عسكرياً وأمنياً ودينياً وثقافياً وغيرها من خلال المنابر الاعلامية والدينية والثقافية والسياسية والاجتماعية والقيمية وغيرها، لغايات تمتين جبهتنا الداخلية وتعزيز وحدة صفها.
ففي مجال التربية تحديداً أجزم بأن خطواتنا التربوية القادمة لغايات تعزيز منعتنا يجب أن تنصبّ على اطلاق برامج توعوية وتنويرية وتثقيفية لتعزيز القيم والأخلاقيات والثوابت الوطنية ووضع مصالح الوطن أولاً والنأي جانباً بأي اختلافات في الرأي في وجهات النظر للقضايا الوطنية الملحّة.
وأوجز هنا بعض هذه الرؤى والتي يمكن ترجمتها لاستراتيجيات وبرامج يمكن اطلاقها على أن ترتبط ببرامج زمنية ومنها: اطلاق برامج تجذير ثقافة التربية المدنية من خلال العمل والممارسة بدءاً من الأسرة، وضرورة شعور الجميع بضخم حجم هذه المسؤولية الوطنية، وبالطبع هذا يشمل تعزيز لغة الحوار الأسري، وتجذير مبادىء المواطنة الايجابية والفاعلة، واحترام الدستور ولغة سيادة القانون وسيادة وهيبة الدولة، واحترام الرأي والرأي الآخر، وحق المشاركة والمساهمة في صنع القرار، والتفريق بين الحرية التي تدعو للفوضى من جهة والحرية المسؤولة التي يضبطها القانون، واطلاق برامج تُعزز التربية الوطنية في البيت الأردني، وغيرها.
كما أن هنالك ضرورة لخلق الشعور بالانتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشمية والوقوف خلف قيادة جلالة الملك من خلال اطلاق برامج تُعزز الولاء للقيادة الهاشمية والانتماء للوطن الأشم، وتعزيز الوحدة الوطنية ونبذ الخلافات، والشرعية الدينية والتاريخية للقيادة الهاشمية، والتربية الوطنية كمنهاج عمل بالفعل لا بالقول، ووضع الخلافات والمهاترات الداخلية بمجملها جانباً والتركيز على تعزيز الثوابت الوطنية والمحافظة عليها وتعزيزها، واظهار النهج الوحدوي المنطلق من مبادىء النهضة العربية الكبرى في الوحدة والحرية والحياة الفضلى، وتعزيز المصالح الوطنية العليا ونبذ المصالح الضيقة.
كما يتطلّب ضرورة اطلاق برامج تُعزّز القيم بمجملها الدينية والحضارية والثقافية والاجتماعية وغيرها في كل الأسر الأردنية، وربما يشمل ذلك قيم ومبادىء الدين الاسلامي الحنيف كدين الدولة، وقيم الاستحقاق بجدارة وتكافؤ الفرص والعدل في الوظائف كافة، والقيم الواردة في رسالة عمّان، وقيم الوسطية والاعتدال وغيرها، ومحاربة الفساد والمحسوبية والواسطة كأدوات مُخرّبة لكل البرامج الاصلاحية ومُعاكسة لكل القيم التي تم ذكرها بالسابق.
اضافة لاطلاق برامج توعوية وتثقيفية وتنويرية لنبذ الغلو والتطرف والارهاب ومحاربة الاشاعة ووسائل الحرب النفسية، وتنبيه الناس لخطورتها وادراك الناس والشباب تحديداً أن مخاطر الارهاب وانعكاسه على البنى التحتية والفوقية وبُنية الدولة جُلّ خطير، والالتزام بمنظومة القيم الوطنية للقيادة والشعب والانجازات الوطنية، وتبصير الناس بخطورة تبرير مواقف الفكر المتطرّف، أو الانضمام لصفوفهم، أو المساهمة مادياً بدعمهم، أو تقديم أي أشكال التعاطف معهم، والتوضيح للمواطنين بأن الاسلام براء من كل الأفكار المتطرّفة، وأن هؤلاء المجرمين يساهمون في تشويه الصورة الناصعة للاسلام، وتوجيه المنابر الدينية والثقافية والاعلامية والاجتماعية لبث خطورة انتشار الفكر المتطرّف وضرورة محاربته قبل استفحاله، والبدء بحوار وطني يشارك به كل الجهات التربوية والقوى الاجتماعية وذوي الاختصاص للخروج بمشروع تربوي يتناسب مع مرحلة الألفية الثالثة، ألفية العلم والتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.