الشاهد - باليوم الدولي للاعنف، ووفقاً لقرار الجمعية العامة 61/271 المؤرخ 15 حزيران 2007، هو مناسبة "لنشر رسالة اللاعنف، بما في ذلك عن طريق التعليم وتوعية الجمهور". ويؤكد القرار مجدداً على "الأهمية العالمية لمبدأ اللاعنف" والرغبة "في تأمين ثقافة السلام والتسامح والتفاهم واللاعنف". وفي ذات الوقت شهد الأردن اليوم جريمة قتل زوجة على يد زوجها داخل مركبتها رمياً بالرصاص في العاصمة عمان.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن الأردن ومنذ بداية عام 2021 وحتى تاريخ اليوم 3/10/2021 شهد وقوع 13 جريمة قتل أسرية ذهب ضحيتها 14 أنثى، فيما نجت من الموت إبنة وزوجة طعنتا في حادثتين منفصلتين على يد الأب والزوج على التوالي، وفقاً لرصد وسائل الإعلام المختلفة.
فخلال شهر كانون ثاني 2021، أقدم زوج على قتل زوجته (53 عاماً)، وإبنه (18 عاماً) رمياً بالرصاص بتاريخ 18/1/2021 في منطقة الرصيفة، وبتاريخ 25/1/2021 إعترف شاب بقتل أخته (عشرينية) ضرباً حتى الموت في منطقة ماركا في العاصمة عمان.
وخلال شهر آذار 2021، وبتاريخ 6/3/2021 تحديداً أقدم أب على قتل طفلتيه (سنتان و 3 سنوات) بواسطة آداة حادة في البادية الجنوبية، وفي اليوم الدولي للمرأة الذي صادف يوم 8/3/2021 اقدم رجل على قتل طليقته (خمسينية) طعناً، وبتاريخ 10/3/2021 قتلت أم (ستينية) على يد إبنها طعناً في العاصمة عمان، وبتاريخ 11/3/2021 قتلت فتاة (عشرينية) طعناً على يد والدتها في محافظة المفرق. هذا وطعنت فتاة (عشرينية) على يد والدها في منطقة صويلح في العاصمة عمان بتاريخ 18/3/2021 وكانت حالتها العامة متوسطة.
وخلال شهر نيسان 2021، وبتاريخ 29/4/2021 قتلت زوجة طعناً على يد شقيق زوجها في منطقة الرصيفة في محافظة الزرقاء.
وفي شهر آيار 2021، وبتاريخ 26/5/2021 أقدم إبن (أربعيني) على قتل والدته (ثمانينية) طعناً في منطقة مخيم الحسين في العاصمة عمان. وبتاريخ 30/5/2021 أصيبت زوجة (ثلاثينية) بعدة طعنات على يد زوجها فيما طعن الأبناء والدهم قبل فراره.
وفي شهر حزيران، وبتاريخ 16/6/2021، قتلت فتاة جامعية (21 عاماً) على يد والدها نتيجة ضربها ضرباً مبرحاً بسلك كهربائي لإخفاقها في مادة دراسية. وفي النصف الثاني من شهر حزيران أقدم أخ على قتل شقيقته حرقاً في محافظة الزرقاء إثر خلافات عائلية بينهما. وبتاريخ 28/6/2021 أقدم زوج على قتل زوجته ضرباً وخنقاً في محافظة البلقاء.
وفي شهر أيلول، وبتاريخ 15/9/2021 قتلت زوجة عشرينية (28 عاماً) وأم لثلاثة أطفال على يد زوجها حرقاً بعد أن سكب عليها مادة الكاز حيث توفيت بعد أسبوع من مكوثها بالمستشفى، وكتبت الزوجة على صفحتها على الفيسبوك "حسبي الله ونعم الوكيل فكرت راح يغير حياتي بس هسه مسح كل حياتي".
وفي شهر تشرين أول وبتاريخ 3/10/2021، أقدم زوج على قتل زوجته رمياً بالرصاص داخل مركبتها لخلافات زوجية بينهما في العاصمة عمان.
علماً بأن “تضامن” كانت قد رصدت وقوع 21 جريمة قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال عام 2019 و 20 جريمة عام 2020.
بعض جرائم القتل الأسرية هي جرائم بذريعة "الشرف"
هذا وتشكل جرائم قتل النساء أخطر وآخر حلقة من سلسلة حلقات العنف المتواصلة ضدهن، وهذه الجرائم نتيجة حتمية لتبعات وآثار مختلف أشكال العنف الممارس ضدهن. وترتكبت جرائم “قتل النساء والفتيات لكونهن نساء” وهو يختلف تماماً عن جرائم القتل التي ترتكب ضد الأشخاص سواء أكانوا ذكوراً أم إناثاُ. فجرائم قتل النساء يقصد بها تلك الجرائم المرتكبة عمداً ضدهن كونهن نساء، وكان يشار الى هذه الجرائم قديماً على أنها جرائم “قتل الإناث” أو جرائم “وأد البنات” أو جرائم “القتل الممنهج للإناث”.
وتنوه "تضامن" الى أن بعض جرائم القتل الأسرية هي جرائم بذريعة "الشرف"، لذا فإنها تؤكد على أهمية إتساع نطاق تغطية القوانين ليشمل الجرائم المرتكبة بذريعة "الشرف" والجرائم المرتبطة بها ، فينبغي للتشريعات أن تعّرف بصورة موسعة ما يسمى بجرائم "الشرف" بما يشمل المجموعة الكاملة لأشكال التمييز والعنف المرتكبة بذريعة "الشرف" ضد النساء والفتيات للسيطرة على خياراتهن في الحياة وتحركاتهن.
أما الجرائم المرتبطة بما يسمى بجرائم "الشرف" فينبغي للتشريعات أن تضع تعريفاً محدداً ومنفصلاً للجرائم التالية : إرتكاب وتسهيل ما يسمى بجرائم "الشرف" والمساعدة على إرتكابها أو التغاضي عنها، وتحريض القاصرين على إرتكاب ما يسمى جرائم "الشرف" ، وتحريض النساء والفتيات على الإنتحار أو على إحراق أنفسهن بذريعة "الشرف"، والجرائم التي ترتكب بذريعة "الشرف" وتصور على أنها حوادث. وتضيف "تضامن" بأن مجرد الشك بسلوك النساء والذي ثبت في الكثير من الحالات عدم صحته، كافياً لإرتكاب جرائم القتل بحقهن.
هذا وقد شددت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة التاسعة والخمسين والتي عقدت بتاريخ 15أكتوبر 2004 وبالبند 98 تحديداً والذي جاء تحت عنوان “العمل من أجل القضاء على الجرائم المرتكبة ضد النساء والفتيات بذريعة "الشرف” ، على الحاجة لمعاملة جميع أشكال العنف المرتكب ضد النساء والفتيات بما فيها الجرائم المرتكبة بذريعة "الشرف" بوصفها أعمالاً إجرامية يعاقب عليها القانون.
وتكرر "تضامن" مطالبتها الجهات الحكومية والبرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني وصانعي القرار ورجال الدين ووجهاء العشائر، بتكثيف الجهود المبذولة لمنع إرتكاب جرائم "الشرف" بشكل خاص وجرائم قتل النساء والفتيات والطفلات بشكل عام، وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب بإتخاذ أجراءات إدارية وقانونية وتعديلات تشريعية عند الضرورة، والعمل على زيادة الوعي المجتمعي وتغيير الصور والسلوكيات النمطية حول النساء، ودعوة وسائل الإعلام المختلفة للقيام بتسليط الضوء على هكذا جرائم وعلى رفض المجتمع لها، وإجراء دراسات وأبحاث معمقة تحدد أسباب ودوافع ونتائج إرتكاب جرائم "الشرف"، وتوفير الدعم النفسي والإجتماعي والمأوى للناجيات والضحايا المحتملات، والتركيز على جمع المعلومات والإحصائيات لتحديد حجم المشكلة وضمان وضع الحلول المناسبة.
خيارات وفرص النساء والفتيات للنجاة من العنف الأسري محدودة الأفق والنطاق
وتؤكد “تضامن” على أن النساء لا يملكن من الخيارات ولا تتاح أمامهن الفرص للنجاة من العنف الأسري ما لم تتخلص النساء من ثقافة الصمت، وما لم تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها الكاملة في الوقاية والحماية والعلاج والتأهيل، وعلى كافة المستويات التشريعية والإجرائية والإيوائية، وعلى مستوى السياسات في المجالين الخاص والعام. ويجب أن تتحمل الجهات ذات العلاقة مسؤولية العناية الواجبة كمبدأ أساسي، وأن تعمل على إنهاء أي أثر قانوني لإسقاط الحق الشخصي على العقوبات الجزائية لمرتكبي العنف ضد النساء والفتيات والأطفال، والعمل أيضاً للحد من التغاضي والتسامح مع مرتكبي العنف سواء على المستوى التشريعي أو على المستوى المجتمعي.
جرائم القتل الأسرية ستستمر لا بل قد تزداد وتيرتها، ما دامت تشريعاتنا تتضمن أعذاراً مخففة لمرتكبي الجرائم بذريعة “الشرف” وما دام القانون يجيز ضرب الأطفال تأديباً، وما دام التنمر والعنف يزدادان إنتشاراً وتوسعاً، وما دامت اجراءاتنا وتدابيرنا مكبلة بتقديم شكاوى من عدمها، وما دامت العقوبة رهن التخفيف في حال إسقاط الحق الشخصي اختياراً أو إكراهاً، وما دام هنالك ضعف أو خلل في إجراءات وبرامج الوقاية والحماية من العنف الأسري، فلا تزال خيارات وفرص النساء للنجاة من العنف الأسري محدودة الأفق والنطاق.
يذدكر بأن اليوم الدولي للاعنف يمثل تاريخ ميلاد المهاتما غاندي، زعيم حركة استقلال الهند ورائد فلسفة واستراتيجية اللاعنف، ومن اشهر اقواله "الفقر هو أسوأ أشكال العنف" و "اللاعنف هو سلاح الأقوياء" و "اللاعنف والحقيقة لا ينفصلان ويرتبط كل منهما بالآخر" و "قد لا نكون أبداً أقوياء بما يكفي لنكون غير عنيفين تماماً في الفكر والكلام والفعل، ولكن يجب أن نبقي اللاعنف هدفنا وأن نحرز تقدماً قوياً نحوه".