مهدي مبارك عبد الله
بداية نؤكد للجميع انها لم تكن معلومات استخبارية ولا هي جهود يحث ومراقبة وتتبع امنية تلك التي ساعدت قوات الشباك الاسرائيلية في القاء القبض على الاسرى الاربعة يعقوب قادري ومحمود عارضة في حدود منطقة الناصرة ومحمد عارضة وزكريا الزبيدي بالقرب من بلدة شبلي أم الغنم في شمال فلسطين المحتلة بعد ان اعياهم الحصار والملاحقة والجوع والارهاق والتعب.
وربما هي الصدفة المحضة عبر شكوك احد المستوطنين بهما والاتصال برجال الامن او من خلال وشاية عميل او جاسوس عربي شاهدهما فأبلغ عنهما وما حدث لهما امر طبيعي جدا وقد وكان احتمال قتلتهم او اعادة اعتقال بعضهم أو كلّهم واردًا منذ الدقيقة الأولى التي اكتشف فيها السجانون أنّ الأحرار الستة قد عبروا نفق الحرية وصاروا خارج اسور السجن.
حماية أبطال جلبوع الطلقاء ( مناضل يعقوب انفيعات وأيهم نايف كممجي ) هي أغلى من حريتهم ولا تقل أهمية عن العملية البطولية ذاتها التي هزت كيان وامن العدو فضلا عن وإصرار وعزم الفلسطيني على التحرير والعودة مهما طال الزمن ومهما واجه من صعوبات او اقتضى من تضحيات وصبر وتحمل مشاق في السجون او خارجها.
ولا بد من طرح مبادرة فصائلية وشعبية عاجلة وبأي ثمن لكبح جماح العمليات الأمنية الاسرائيلية التي تسير على قدم وساق في الداخل الفلسطيني او الضفة الغربية بالتعاون بين سلطتي تل ابيب ورام الله لملاحقة وتوقيف الأسيرين المتبقيين وعدم تسهيل عبورهما إلى الأراضي الفلسطينية او قطاع غزة او أي منطقة حدودية مجاورة رغم عدم وجود أي معلومات تشير الى أنهما ينويان الخروج من فلسطين وذلك بهدف متابعة مشاركتهما المقبلة في النضال والتخطيط لعمليات ومواجهات نوعية جديدة مع الاحتلال.
اسرائيل تهدف من القاء القبض على الأبطال الستة المحررين واعادتهم الى السجن بعدما تنسموا الحرية الى قتل وإحباط روح المقاومة والثورة وصولاً إلى زرع اليأس وأحداث صدمة سلبية خطيرة في نفوس الأجيال الفلسطينية والعربية بعدما تأجج وتعاظم أمل الانتصار والتحرير بعد العملية النوعية والبطولية من أقوى السجون تحصيناً وأمناً في إسرائيل والتي هزت كيان الاحتلال ووجوده.
المطلوب اليوم حماية من بقي من أبطال عملية سجن “ جلبوع ” بأي وسيلة وثمن ومهما كلف ذلك من تضحيات وعدم الاكتفاء بالتهاني والتبريكات لما يعنيه اعتقالهم من جديد من انتكاسة خطيرة وهزيمة جديدة تعطي للعدو وأدواته وجنوده دفعا معنويا جديدا بعد سقوطهم وانهيارهم.
لا زالت كل السيناريوهات بعد الهروب مطروحة ولا زال البحث جارياً عن الاسيرين المحررين رغم ان نجاح العملية قد تم بالفعل حتى لو نجح الاحتلال في إمساكهم والعثور عليهما من خلال البحث المكثف وعيون العملاء والجواسيس لأن الاختراق الأمني الكبير حصل وكسر هيبة أمن إسرائيل.
الاسيرين الطليقين لن تتم عملية استرجاعهم الى السجن بسلام بعد الذي جرى لزملائهم الذين القي القبض عليهم مؤخرا فمن المعروف أن هؤلاء الابطال من المساجين المسجلين خطرين لدى الاحتلال وجميعهم لهم عمليات نوعية وبصمة قوية في تهديد كيان إسرائيل فأقل ما سيحدث عند العثور عليهم أن يدخلوا في معركة مع الاحتلال ليدافعوا عن أنفسهم ويظفروا باستمرار الهروب وهذا بحد ذاته من الممكن أن يوقع خسائر مؤلمة في صفوف الاحتلال تزيد من خوفها ومأزقها.
الأبطال الستة ليسوا مجرد سجناء هاربين بل إنهم شخصيات فعالة ولها وزنها في تاريخ المقاومة الفلسطينية فمنهم خمسة من خيرة شباب الجهاد الإسلامي ولهم بصمة وخبرة في العمل الفدائي والسادس الزبيدي هو أحد مؤسسي وأبطال كتائب شهداء الأقصى الجناح العسكري لحركة فتح وهو عضو سابق المجلس الثوري لحركة فتح برلمان الحركة وشخصية نضالية بارزة.
ابنائنا الاحرار المتبقين بعيدا عن يد العدو واذنابه بحاجة ماسة للدعم والاسناد وكل فلسطيني وطني وشريف معني بحمايتهم من مجرمي أجهزة الامن الإسرائيلية الذين انتشروا كالكلاب المسعورة في ربوع الوطن المحتل عموما وفي الضفة خصوصا بحثا عن نسور الحرية الميامين الذين وجهوا صفعة قوية للمؤسسة الأمنية برمتها وللغطرسة والعنجهية الإسرائيلية التي تفاخرت كثيرا بقلعتها الحصينة ( سجن جلبوع ) الذي لا يخترق.
المطلوب من كافة ابنا عرب 48 وابناء الضفة وغزة وقاطنين حدود الدول العربية المجاورة لفلسطين ودون استثناء تقديم الدعم المطلق لأي واحد من الاسرى في حال طرق أي باب منزل للاحتماء من عملاء المستعمر الصهيوني او احتاج إلى وسيلة نقل او ملابس او أكل أو ماء او دواء.
على جميع ابناء الشعب الفلسطيني الوطنيين عدم الثرثرة في الحديث عنهما وعن وجودهما او عن اية معلومة عنهما امام أي كان لا بين افراد الاسرة او في الحارة او الحي او في العمل مهما كانت درجة الثقة مع الاخر الفلسطيني فالحذر واجب وكذلك عدم التعرض لموضوعهم في الجوالات ومواقع التواصل الاجتماعي المراقبة من اسرائيل الا بتسجيل الاعجاب والثناء على بطولتهم وعظمة عملهم الكفاحي الجبار.
وكذلك الكف مطلقا عن الحديث عما يمكن ان يكون سمعه البعض من الاخرين عن أي فرد منهم وتجنب ذكر أي منطقة ( مدينة او مخيم او قرية او خربة او شارع او مزرعة او سيارة ) قد يكونوا شوهدوا فيها او أحدا ما ذكر معلومة ثانوية او رئيسية عنهم والانتباه واخذ الحيطة من الجواسيس والعسس والعملاء ومن في مقامهم ورفض التحدث معهم عن موضوع ابطال جلبوع وتغيير موضوع الحوار كليا في حال وجودهم بينكم.
اضافة الى الكف عن بث الاشاعات المغرضة والتحريضية على منتسبي الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مواقع التواصل الاجتماعي وفي أوساط الرأي العام الفلسطيني ومحاولة استمالتهم بالروح الوطنية والفدائية والجهادية وتذكيرهم بأرواح الشهداء والقادة الابطال والقدس والاقصى.
والعمل الوطني المشترك في هذه الازمة والمرحلة على تعزيز وتمتين أواصر الوحدة الاجتماعية والسياسية والأمنية التكافلية الفلسطينية وترك التناقضات وعمليات الاستقطاب والوقوف الى جانب عائلات نسور الحرية بكل الإمكانيات في حال تعرضوا لأي انتهاكات ومضايقات من قبل أجهزة الامن الإسرائيلية او اذا ما تم استدعاء أي من أبناء الشعب امرأة ام طفل او رجل لمقابلات ضباط المخابرات الإسرائيلية او اذا تم اعتقال أي انسان ذو صلة بالأسرى عليهم جميعا رفض التحدث من حيث المبدأ عنهم وعدم تقديم أي معلومة مهما كانت متواضعة حولهم.
على الابطال الاشاوس الاسيرين الباقيين احرار عدم الاستهتار بحماية انفسهما واخذ كافة الاحتياطات الضرورية للاختفاء عن الانظار وعدم استخدام أجهزة النت والجوالات او مواقع التواصل الاجتماعي واعتماد أساليب الاتصال المباشر او غير المباشر وحصر الاتصال باقل عدد ممكن ممن يثقان بهم ويعتبرونهم حاضنة حقيقية لحمايتهما وعدم البقاء في مكان واحد والعمل على التوزع والانتشار في اكثر من مكان.
وتغيير أماكن الإقامة بين الفينة والأخرى مع الحذر الشديد في التنقل من مكان لأخر واختيار الزمان والمكان المناسبين لأي حركة ودراسته بعناية فائقة والابتعاد عن تغليب الجانب العاطفي كليا في اختيار أماكن الإقامة و التركيز على التخطيط الافضل في حماية الذات ومكان الإقامة لأن محاولة البحث والوصول الى الاسيرين الفارين مبنية على أسس إجرامية ممنهجة لألقاء القبض عليهما ولو ادى ذلك الى المساس بحياتهما.
اخيرا يجب عدم تعامل المواطنين مع وسائل الاعلام المشبوهة مهما كانت وتجنب بث اي رسائل عن وضع الاسيرين وكيفية خروجهما وأساليب تنقلهما من مكان لمكان وعدم الرد على حملات التضليل التي لجأ وقد يلجأ لها العدو وعملائه في أوساط الشعب لشق تلاحم الصف الوطني و ضرب تكاتف الوعي وتوحيد المواقف وعلى الجماهير الفلسطينية الواعية تشكيل حاضنة آمنة لمناضلي الحرية والمساعدة في كف يد الاجهزة الامنية الاسرائيلية عنهما لان انتصارهما في الإفلات وعدم التمكن من تعريض حياتهما للخطر هو انتصار للشعب والقضية والوطن وللأهداف والثوابت الوطنية الفلسطينية.
mahdimubarak@gmail.com