الشاهد - ربى العطار / لين عطيات
تصوير :محمد شاهين
الذكريات الحقيقية عشتها فقط مع الحسين رحمه الله
السوسنة السوداء كانت مفتاح زهراب للوصول لقلب الحسين
الحسين الراحل، أدهشته روعة ضانا فطلب مني اكتشافها
داهمتني الشرطة في هاواي، والرئيس الأمريكي أضحكه الموقف
في حوار أجرته "الشاهد" مع مصور وثّق مسيرة ملكٍ قاد وطننا بإيمانه أن الإنسان أغلى ما نملك، وبنى الوطن بكل الحب قبل أن يبنيه بطوب العمل والبناء، زهراب، المصور الخاص للملك المغفور له الحسين بن طلال طيب الله ثراه، قدّم إرث الحسين على طاولة الشاهد، وأهداها بأغلفة غير مألوفة، مستعيداً ذكريات زمن حافل بالانجاز والعطاء، وشاهداً على أحداث صعبة مازالت عالقة في أذهان الأردنيين.
صورة غيرت مجرى حياة زهراب
يذكر "زهراب" الموقف الذي غير مجرى حياته، وكيف أن السوسنة السوداء كانت مفتاح نجاحه، وقال "بدأت الحكاية حين حضرت معرض صور لصديق لي، لتجمعني الصدفة بالملكة علياء رحمها الله عند حضورها المعرض، وطلبت منها أن تتكرم وتوافق على رعاية معرض الصور الخاص بي ، وبالفعل، حققت الملكة علياء حلمي وكان المعرض برعاية ملكية، ثم شاركت في مسابقة الأزهار البرية التي رعتها أيضاً الملكة علياء المعروف عنها اهتمامها بالثقافة والفنون، فتمكنت من الحصول على المركز الأول بسبب صورة فريدة لزهرة لسوسنة السوداء التي أصبحت ايقونة الأردن، ولم أكن أعلم حينها بأن هذه السوسنة ستفتح لي أبواب قصر الملك حسين وقلبه"، ويتابع زهراب، "تمت دعوتي من قبل الديوان الملكي الذي أوصلني بعدها لقصر الملك حسين رحمه الله، فدخلت منزل الحسين وكان الملك الحسين بانتظاري وذلك بحضور الملكة علياء وسمو الأميرة هيا، وأبلغني بأنني سأصبح مصوره الخاص وهنا كانت المفاجأة، وكانت هذه هي مكافأة السوسنة، فلم يكن يعلم أحداً أنه كان من المقرر أن يصبح الفائز في الجائزة مصور الملك الخاص، ومن هنا بدأت حكايتي في رحلة مرافقة الملك الحسين الذي كنت مستعدا بأن أفديه بروحي، ففي محطات كثيرة كنت أحمل سلاحاً لحماية الملك من محاولات الاغتيال، كالتي كانت ستحدث في اليابان وغيرها من المدن، فالوفاء للملك هو من الوفاء للوطن".
فيلم مملكة السلام
وصرح زهراب للشاهد بأنه سيروي مسيرته مع الملك الراحل من خلال فيلم خاص يعمل عليه زهراب ليتمكن من عرضه على العالم، بعنوان "مملكة السلام، يعرض فيه الجانب الإنساني للملك حسين رحمه الله، كاشفاً عن دعم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للفيلم، ويقول زهراب، "أنه حين سمعت جمعية سويسرية خاصة بمساعدة اللاجئين في الأردن عن الفكرة قدمت عرضا لدعم هذا الفيلم، لكنهم طلبوا منه مقابلة الملك عبد الله الثاني الذي رحب بالفكرة، وقابلهم وأعرب عن دعمه لهم، وأضاف، "تمت دعوتي إلى سويسرا لتوقيع العقد واكتشفت بأن احد بنود العقد ينص على تصوير ربع ساعة من الفيلم داخل كنيسة في سويسرا، وهذا ما يدفع بصورة مملكة السلام التي صنعها الملك الحسين بإنسانيته لدروب تتنافى مع درب السلام الذي علمنا إياه، والذي لم يفرق فيها يوما بين أعجمي ولا عربي ولا مسيحي ولا مسلم أو يهودي أو حتى بين شمالي أو غربي.
وصرح زهراب، أنه يشعر بالخجل من الملك عبد الله الثاني لأنه ساهم في ترتيب اللقاء بين الملك وتلك الجمعية السويسرية دون أن يكون الملك عبدالله بالصورة الكاملة عن التفاصيل، وحسب ما ذكر زهراب بأنه أخطأ، وأنه كان عليه أن يكشف حقيقة الأمر قبل أن يتم اللقاء بالملك، مؤكداً بأنه مستمر في متابعة حلمه حتى يحقق حلم مملكة السلام الذي يجب أن يشهده العالم، ويرى الجميع فيها حقيقة المغفور له الملك الحسين الرائعة والسمحة.
رحلة البحث عن ضانا
وعن مكانة محمية ضانا في قلب الملك الحسين بن طلال، يتحدث زهراب، "أنه أثناء زيارة الملك الحسين إلى العقبة عبر طائرة الهيلوكوبتر الخاصة به كنت أقتنص الفرصة لألتقط صوراً مختلفة للأردن من الأعلى أثناء انشغال الملك بأعماله، فأقوم بتصوير المناظر الطبيعة التي كان لا يتسنى للملك رؤيتها بسبب انشغاله، وبعد نهاية الرحلة أقدمها كهدية داخل ألبوم ليراها الملك في أوقات فراغه، وفي إحدى المرات صدف وجود صورة جميلة جدا لمنطقة مجهولة ولم تكن معروفة وقتها، ليرى الملك الصورة بعد انتهاء زيارته ويطلب مني العثور على تلك المنطقة فتوجهت بسيارة خاصة من الديوان الملكي مع سائق من هناك، وبدأنا برحلة البحث عن المنطقة، وتجولت بين الناس وأصبحت أسأل عنها في الجنوب حتى اكتشفنا ضانا التي سحرت الملك بصورة، وللأسف هي منطقة مهددة اليوم باقتطاع أجزاء منها"، وأعرب زهراب عن حزنه واسفه لهذا الاقتطاع، آملاً أن يكون لهدف ونتائج حقيقية وأن لا يكون إن تحقق هذا الاقتطاع فاشلا .
حلاقة اللحية أربكت الحرس
يذكر زهراب، أن الحسين الراحل كان قد سكن في منطقة مطلة على منطقة الفحيص، وبسبب طبيعة الموقع الذي يعد مضرباً للهواء المحمل بالرمال الاسمنتية، أصابت لحية الحسين حساسية فقرر أن يربي لحيته، وكانت تلك الفترة تتزامن مع السفر إلى العراق لفترة من أسبوعين إلى ثلاث أسابيع، وتابع زهراب أن الملك حسين قال له : "شو رأيك يا زهراب نحلق اللحية"، فبادرنا بعدها لحلاقتها، "وفور وصولنا إلى مطار ماركا سألني الحرس: من أنت؟ فأجبتهم بأنني زهراب، لأنهم كانوا قد تعودوا علي باللحية، وتفاجئوا مرة أخرى عندما ظهر الحسين رحمه الله عليهم وكان قد حلق لحيته، مما أثار دهشة الحرس الذين كانوا قد تعودوا أيضاً على رؤية الملك باللحية".
ورطة في هاواي
ويروي زهراب أنه في إحدى رحلاته التي رافق فيها الملك الحسين في هاواي قبل مغادرتهم إلى لوس أنجلوس لمقابلة الرئيس الأمريكي رونالد ريجن، كان قد أقام بالطابق الثالث داخل أحد الفنادق هناك، فلاحظ زهراب منظر الغروب الجميل، فسارع للصعود إلى سطح الفندق ليقوم بتصويرالمنظر الخلاب، لكنه تفاجأ بشخص يداهمه من الخلف يرتدي زي الشرطة ويأمره بالالتفتات إليه وعدم التحرك، ولم يكن ذلك الشرطي مصدقاً أن زهراب هو المصور الخاص للملك الحسين، ولم يأخذ كلامه على محل الجد لأنه لم يرى البطاقة التعريفية التي تثبت أنه من حاشية الملك، قبل أن يأتي شخصان من الأمن يرتديان لباسا مدنياً ويثبتونه باتجاه الحائط حتى أخرج لهم البطاقة التعريفية، فعرف عن نفسه فتركوه، ولقبوه "نجم اليوم"، ويتابع زهراب، أنه توجه لغرفة الملك فاستقبله بجملة "شو عامل يازهراب"، فقال له القصة، ورد عليه الملك حسين " كان قلت للجماعة"، ليتبين أن زهراب عندما صعد على سطح المبنى كان قد قام دون أن يدرك بقطع سلك مرتبط مع نظام الأمن، مما استنفر الأمن وتحركوا لتأمين غرفة الملك وحمايته وتأمين شبابيك الغرفة ظنا منهم أن هناك عملية اغتيال ستحدث بسب ما فعله زهراب، وعندما اجتمع الملك بالرئيس ريجن سرد له الملك القصة وضحكوا جميعا على طرافة وغرابة ما حدث .
تربية الملوك
يقول زهراب بأن الملك الحسين لم يفرق يوما بين أولاده حتى في تعاملاته لم يكن يواجههم بالغضب، فحين كان يصدر خطأ من أحدهم كان يجمع العائلة، ويتحدث إليهم ويحاورهم لأن أسلوبه كان يدفع الأشخاص لأخذ الحيطة والحذر لعدم تكرار أي من الأخطاء، ويضيف زهراب، بأن الأميرة هيا، الأميرة عائشة، والأميرة عالية، والملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه هم الأقرب بنفسيتهم وطيبتهم وبصفاتهم إلى الملك الحسين الذي كان محباً وقريباً من الجميع .
وختم زهراب حديثه عندما كشف عن مشاعره بفقدان الملك الراحل الحسين بن طلال، متمنياً لو كان يستطيع تقديم روحه حتى يحيا الحسين، أو أن يموت ليرى الحسين، مشيراً إلى أنه يقضي الكثير من الأوقات يوميا في جو من الدموع، وعندما يفتح حاسوبه الخاص، ويتذكر مواقفه مع الملك حسين يجهش بالبكاء، ويعيش حالة تتذمر لها زوجته، معرباً بأن الذكريات الحقيقية عاشها فقط مع الحسين الذي قدم له ما لم يقدمه أبوه الذي توفى وهو في سن الثانية عشرة من عمره، وأضاف للشاهد، بأن الحسين كان وفياً لكل شيء وحدود وفائه تخطت الأردن لتشمل العالم، فهو من رفع من قدر العرب، وكان سيداً يرسم السلام ويمهده دروباً ويعلمنا إياه، وهذا ما يريد عرضه قريبا داخل فيلم مملكة السلام الذي سيندم جميع من لم يبادر في دعم هذا العمل الذي يعد أقل واجبٍ لرد جميل الملك الحسين الذي يجب أن يخلده التاريخ وتتعلم منه الأجيال دروسا في الإنسانية والأخلاق.