في ذكرى عيد ميلاد الراحل الكبير
بقلم : عبدالله محمد القاق
تستذكر الاسرة الاردنية والعالم اجمع اليوم غياب قائد فذ سخَّر كل حياته لخدمة وطنه وامته العربية والاسلامية ولعب دورا بارزا في تنقية الاجواء العربية وتفعيل التضامن العربي، فضلا عن اسهاماته الكبيرة في بناء الاردن الحديث. ذلك هو المغفور له باذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، والذي يشهد له الاردن ودول العالم كافة بصماته على مختلف القضايا والانجازات الوطنية والدولية، وسعيه الحثيث وجلالته في احلك ظروفه الصحية من اجل الاسهام في انقاذ العملية السلمية، بمغادرة الراحل الكبير مستشفى مايوكلينك لحضور اجتماع ضم كلا من الرئيس الاميركي السابق بيل كلنتون والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ورئيس وزراء اسرائيل السابق نتنياهو، حيث كان لدور جلالته - كما قال الرئيس الامريكي السابق كلينتون - الوقع الطيب والصدى الكبير في نفوس الزعماء الذين حضروا هذا اللقاء الكبير. لقد واصل جلالة الراحل عبر سني حياته مسيرة الخير والعطاء في اطار النهضة المباركة التي خطاها جلالته عبر كل الصعد، حيث ارسى قواعد العدل والمساواة بين المواطنين واسس النهضة الحديثة وحث على ضرورة تجسيد الوحدة الوطنية، واكد ان من يحاول المساس بهذه الوحدة هو عدوي الى يوم القيامة.. عمل جلالته الى رفع صرح الاقتصاد والتعليم والصناعة والثقافة في كل ارجاء المملكة، واعلى صرح الانسان شامخا عبر كل المحافل لوجود جلالته المؤثر وتحركه السياسي الذي كانت له قيمته ومصداقيته في السياسات العربية والدولية، وليس ادل على ذلك مؤتمر قمة الوفاق والاتفاق الذي عقد في عاصمة الوفاق والاتفاق - عمان - في مطلع الثمانينات، فكان دور جلالته المميز واضحا في ازالة الخلافات ووضع لبنة من الوحدة والاتفاق بين العرب، فأعاد جلالته - رحمه الله - الى العرب الوجه المشرق، بالخير والعطاء والفداء والتعاون العربي المشترك حيال كل القضايا لمواجهة كل التحديات التي تواجه امتنا العربية والدولية.. لقد اسهم جلالته باقتدار، في عملية السلام، انطلاقا من سياسة الاردن الخارجية في تحمل المسؤوليات الكبيرة، تجاه الامة العربية حيث اعطى جلالة الراحل الاردن بالرغم من شح موارده البشرية والمادية، صورة اكبر ودورا ايجابيا في مختلف المحافل حيث انعكست سياسة جلالة الراحل والمتمثلة بحكمته وحنكته الفذة، وريادته الحكيمة على الاردن بنهضة شاملة جعلته محط انظار واعجاب الجميع، مما اكسب الاردن سمعة دولية تسهم بالمصداقية والاحترام لدى دول العالم. وهذه السياسة عرفت في عهد جلالة الراحل الكبير بالعقلانية والواقعية والاعتدال والوسطية والتعامل مع الواقع دون التنازل عن المبادىء الثابتة تجاه القضية الفلسطينية والتي كان بحكم معايشته اليومية يقوم معاناة الشعب الفلسطيني ويسعى الى ايجاد الحلول اللازمة لذلك. لقد اكد جلالته في اكثر من محفل عربي ودولي حرصه على ان يكون للفلسطينيين كلمتهم في مستقبلهم وحقوقهم الوطنية المشروعة على ترابهم الوطني، وقد ترجم جلالته ذلك، بدءا بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في قمة الرباط عام 1974 والتي كان لي شرف حضورها وتغطية وقائعها حيث كان لموقف جلالته القومي الصدى الكبير والتأييد الواضح من القادة العرب، الذين اكدوا ان هذا الموقف يسهم في دعم التضامن والوحدة العربية، فضلا عن استعداد جلالته ليكون مظلة الوفد الاردني الفلسطيني لمؤتمر مدريد للسلام عام 1991. وهكذا فقد كان جلالته يؤمن بالعمل العربي المشترك.. باعتبار ان الاردن احد مؤسسي الجامعة العربية عام 1945 حيث اسهم مساهمة فاعلة وملتزمة في مختلف لجانها واعمالها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. واذا كنا نستذكر غياب قائد عربي فذ رحمه الله، فاننا واثقون من ان خلفه جلالة الملك عبدالله الثاني، قد حمل الرسالة والامانة معا وسعى مخلصا منذ ان تسنم القيادة لرفع شأن الوطن والمواطنين مخلصا لمبادىء الثورة العربية الكبرى التي اطلق شرارتها الاولى الشريف الحسين بن علي من اجل حرية العرب واستقلالهم والذود عن كرامتهم ففضلا عن الدور البارز الذي يلعبه جلالته على مختلف الصعد المحلية، لارساء الديمقراطية وبناء الانسان ورفع مستوى قواتنا المسلحة والامن العام فضلا عن عمل جلالته المخلص والدؤوب لمبادئه مع امته لبلورة موقف عربي موحد في مؤتمر قمة عمان الذي سيعقد في شهر اذار المقبل، بغية توحيد الصف وتنسيق الجهود العربية والسياسية لخلق مواقف عربية موحدة حيال التحديات الراهنة، ولا سيما ما يتصل بالقضية الفلسطينية واستمرار الغطرسة الاسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني.
ولعل دور الملك عبدالله البارز في المحافل العربية والدولية يكمن في مشاركة الاردن الفعالة خلال المؤتمرات العربية والدولية، فضلا عن اسهام القوات المسلحة الاردنية في العمل لايجاد الاستقرار والامن في كل من السودان والبوسنة، وانغولا وغيرها من دول العالم بالاضافة الى موقف جلالته القومي والمتمثل بضرورة تطبيق قراري مجلس الامن الدولي 242 و 338 اللذين اكدا ضرورة الانسحاب الاسرائيلي الشامل من الاراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشريف واعطاء الشعب الفلسطيني حقه في اقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. هذه لمحات عابرة عن حياة القائد الراحل.. والذي نعلق الآمال الكبار على جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه والذي حمل الرسالة وبدأ سياسة حكيمة ورائدة بفضل حنكته وحكمته واقتداره في معالجة كل القضايا الوطنية والعربية بما عرف عن جلالته من رؤية صائبة، وسعي دائب واخلاص في العمل الوحدوي المشترك. رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية abdqaq@orange .com