نحن على حقيقتنا
المحامي موسى سمحان الشيخ
نكتب وغالبا لا احد يقرأ وحتى من يقرأ لا يناقش ويتعض تلك لعنة عربية بامتياز، ومع هذا سنظل نكتب، سنكتب عن محنة العراق وسوريا ولبنان وليبيا ومصر واليمن، وسنحاول ونحن نرى فوبيا داعش والنصرة واخواتهما الشريرات القاسيات، اقول ونحن نرى الاقصى معلق من كعبيه ومستباح حتى النخاع وتذود عنه نيابة عن امة مقدارها مليار ونصف اقول سنحاول ان نرى بقعة ضوء .. بقعة ضوء وحيدة، قبل اشهر قليلة حدثت بطولة غزة - حيث صمدت وانتصرت - وحيث عرف العربي بل والمسلم اسمه وصورته من جديد، حيث تبدى العدو القومي والانساني على حقيقته، واليوم تبرز صورة اخرى جميلة وسط رائحة الدم والفوضى والذعر التي تعم دنيا العرب، الانحطاط لم يعد في المستوى السياسي والنظام العربي العام لقد طال الاجتماعي والاخلاقي، اوطان تنهار وتاريخ يمحى بممحاة داخلية ومحلية باسناد دولي لا يرى في العرب: سوى امة مهزومة ولا تستحق سوى الكرباج والسوط، العربي لا يساوي سوى ربع برميل من النفط الخام، لقد اتسخ التاريخ العربي المعاصر بما يكفي، اشك ان انهار العرب وبحارهم قادرة على محو هذه القذارة والاتساخ، وسط هذا وذاك تبرز صور المقاومة في غزة، صور اسطورية فذة لاشخاص عاديين، تبرز صورة الام الفلسطينية وهي تحرس ابواب الاقصى نيابة عن الجيوش العربية المهزومة تبرز صورة تونس الخضراء وهي تمضي في عرسها الديمقراطي حتى النهاية، تفعل ذلك دون احتراب او اقتتال خلافا للشرعة العربية التي عادت الى داحس والغبراء، في تونس حتى هذه اللحظة نموذج يحتذى فيه متسع للجميع: اليساري والقومي والديمقراطي والاسلامي هناك دور حتى لبعض انصار بن علي وبورقيبه كما في نداء تونس الذي تفوق على حزب النهضة الحزب الاسلامي العريق، هناك يحتكمون الى التوافق وليس الى صناديق الاقتراع فقط، هناك كما صرح الغنوشي زعيم النهضة يتحدثون عن لم الشمل وجمعه قبل سياسة الغالب والمغلوب، وفي الوطن العربي اطفال يولدون واناس يحبون، وشعوب مقموعة لكنها حرة او تبحث مرحليا عن هامش نسبي من الحرية، وفي عمان مطاعم لا تقدم لحما مسموما او مرقا عفنا، في بلادنا شتاء مبكر سيولد منه ربيع جديد، وستعود صورة الربيع العربي من جديد انما بصورة اكثر اشراقا واعمق تجربة.