حمادة فراعنة
أنهت محكمة أميركية أعمال تداولها وحكمت على الشرطي ديريك شوفين بالسجن 22 عاماً لقتله بالخنق المواطن الأميركي الأسود جورج فلويد يوم 25 أيار 2020، وقد سبق قرار المحكمة، مبادرة مجلس النواب الأميركي، صياغة مشروع قانون أطلقوا عليه «قانون جورج فلويد للعدالة» يحظر استعمال أسلوب الخنق المرافق لعملية الاعتقال، وإنهاء الحصانة المتوفرة لأفراد قوات أمن إنفاذ القانون.
في فلسطين جريمة مماثلة مكتملة الأركان، أنهت حياة المعارض السياسي لسلطة رام الله نزار بنات من دورا الخليل، بقتله متعمداً بواسطة الهراوات الحديدية، فقد ثبت من سرد الوقائع من قبل عائلته، أن أفراد الأمن الوقائي لم يستهدفوا إعتقاله وحسب، بل نفذوا توجيهات معاقبته رداً على «طول لسانه» ونقده الشديد لرموز السلطة وأدواتها وسياساتها.
لو كان القرار مجرد اعتقال بتهمة «إطالة اللسان» و»تطاوله» على رموز السلطة، لتم جلبه بمذكرة من قبل النائب العام، وتقديمه للمحاكمة وفق الأصول القانونية المرعية، ولكن تم خطفه فجراً بطريقة متوحشة، بهدف معاقبته، أدت إلى إنهاء حياته.
جريمة سياسية أمنية على يد أفراد جهاز أمني ، لينعكس على سلوكه في تعامله مع شعبه المعذب الموجوع بالاحتلال والمصادرة وفقدان الحرية والحق بالحياة، وبدلاً أن تشكل الأجهزة رصيداً ورافعة لحماية شعبها، تقوم عقيدتها الأمنية على قمع شعبها.
قتل الناشط السياسي الفلسطيني -طويل اللسان-، وكشف صفقة مطاعيم الكورونا الفاسدة، تجعل حالة الامتعاض والاحتجاج الفلسطينية تتسع وتتكاثر تستهدف سلطتها الذاتية المحلية .
فشل حوارات القاهرة بين فتح وحماس، وتأجيل اللقاء الجماعي للفصائل من قبل الراعي المصري يعكس المأزق الداخلي الفلسطيني، ووصوله إلى الطريق المسدود، لمصلحة عدوهم الوطني والقومي والديني: المستعمرة الإسرائيلية، ولذلك لا خيار لهم ولا وسيلة أمامهم للخروج من تفاقم أزمة الحركة السياسية الفلسطينية برمتها سوى خيار الانتخابات الرئاسية والتشريعية.
خيار الانتخابات الفلسطينية حصيلتها تحقيق العناوين الضرورية الهامة:
أولاً: تُنهي بكرامة بقاء كافة القيادات الهرمة التي لا تملك القدرة على مواصلة العمل، وتفتقد للإرادة الشعبية.
ثانياً: تجدد دماء مؤسسات صنع القرار الفلسطيني.
ثالثاً: تفرض حالة الشراكة بين الفصائل والأحزاب والشخصيات الفلسطينية وفق نتائج صناديق الاقتراع.
رابعاً: تُنهي حالة الانقسام بين الضفة والقطاع.
خامساً: تُنهي حالة التفرد والأحادية التي تتحكم بسلطتي رام الله وغزة غير الشرعيتين، فالسلطة في رام الله أنتهت ولايتها، والسلطة في غزة بلا أي شرعية قانونية.
سادساً: تقدم الشعب الفلسطيني إلى المجتمع الدولي كما يستحق من الاحترام والتضامن اعتماداً على عدالة قضيته وشرعية مطالبه.
سابعاً: ترتقي لمستوى المستعمرة الإسرائيلية التي تفرز قياداتها صناديق الاقتراع، بينما صاحب القضية يفتقد لشرعية الانتخابات وضرورتها.
الوباء والبلاء وانحطاط الوضع الفلسطيني -سياسة وإدارة واقتصاداً وأمناً- سببه الاحتلال والاستعمار والاستيطان، ولكن سلطتي رام الله وغزة أسرى خيارات الاحتلال وتسلطه ونفوذه وتحكمه، وشواهد الفساد نتائج وحصيلة هذا الوضع المتداخل المعقد، فهل تُثمر احتجاجات الشارع الفلسطيني على فرض الإرادة الوطنية النظيفة على سلطتي رام الله وغزة، والرضوخ لخيار الانتخابات بهدف تجديد الشرعية وبمشاركة الجميع في صناديقها ونتائجها؟.