د. محمد طالب عبيدات
منذ إنشاء جامعة الدول العربية عام 1945 وكان الأردن إحدى الدول السبع السبّاقين الذين وقعوا على إنشائها، منذ ذلك التاريخ والعمل العربي المشترك والوحدة العربية «حلم» بدأ كبيراً لكنه يصغر يوماً بعد يوم ليراود مكانه وليعود للدولة القُطرية، بالرغم من أنها –أي الجامعة- أنشئت كمؤسسة للعمل العربي المشترك وانبثق عنها اتفاقية الدفاع العربي المشترك منذ العام 1950 وكذلك مجلس الدفاع العربي المشترك المتمثّل بوزراء الخارجية والدفاع العرب.
كان حُلم الأمة العربية في بداية القرن الماضي «الوحدة» فحاربت جيوش العرب وعلى رأسها الأردن في القدس واللطرون وباب الواد وأبلت بلاء حسناً، وكانت منطلقات الثورة العربية حاضرة فيهم في الوحدة والحرية والحياة الفضلى فكانت ديدنهم جميعاً. وكانت هذه المرحلة هي ربما في أوج دعوات التضامن العربي ومؤشرات ذلك وقوف العرب متحدين في كثير من الحروب وقتئذ.
لكن الحلم العربي في الوحدة سرعان ما بدأ يصغر لتكون وحدة العرب على شكل محاور ودول محدودة لهدف معين بذاته، ومؤشرات ذلك الحروب التي خاضتها الجيوش العربية وعلى رأسها الأردن في فلسطين في أعوام 1948 و 1967 وكذلك حرب الكرامة البطولية عام 1968 ومعارك الجولان في العام 1973، وكان الأردن حاضراً فيها وكذلك دول الطوق العربي والعراق.
بعدها تقزّم الموقف العربي ليتجه صوب «الدولة القُطرية» منذ 1982 في حروب غزو لبنان المتتالية وغزو العراق في أعوام 1990 و 2003 والعديد من الحركات العسكرية والعدوان الإسرائيلي المتواصل على فلسطين منذ تاريخ الاحتلال.
وكانت مبادرة السلام العربية في قمّة بيروت في العام 2002 تدعو لتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها منذ حرب الخامس من يونيو/ حزيران من عام 1967، وقد حظيت بإجماع عربي خلال القمة، ولكنها أيضاً باءت بالفشل الذريع بسبب التعنّت الإسرائيلي ووجود مخططات توسعية لديهم.