د. منذر الحوارات
إلى متى تستمر الأفكار الحمقاء ومروجوها يفرضون اجندتهم علينا، فجائحة كورونا كانت مثالاً على عمق أثرهم وكارثيته، ففي البدء غزوا وسائل التواصل بأن الوباء مؤامرة تستهدفنا وأنه عبارة عن كذبة عالمية حاكتها أيادي خفية، كان ثمن ذلك اردنياً ما يقارب ٣٠٠الف إصابة و٤٠٠٠ وفاه عدا عن مئات الملايين من الخسائر الإقتصادية وعشرات الآف من المتعطلين عن العمل ، والآن وبعد ظهور اللقاح وهو انجاز بشري عملاق انتجته عقول علماء ومؤسسات علمية مهولة تسابقت مع الزمن والموت لتحقق هذا المُنجز العظيم، ومرة أخرى يتنطع هؤلا وبنفس النمط من المعرفة الكلية المطلقة ليبثوا نفس الأفكار الحمقاء ويمارسوا نفس الخبل العقلي وبنفس الأسلوب، ( اللقاح مؤامرة عالمية ضدنا)، والمؤسف والمؤلم انهم يجدون من يصغي إليهم وينساق إلى نقاشاتهم بل ويروج عن جهل ما يقولون، و لهؤلاء اذا كان المتهم بهذه المؤامرة هي الصهيونية فأنا اذكرهم بأن كيان الاحتلال (إسرائيل) قطعت شوطاً واسعاً في تطعيم شعبها فقد وصل العدد الإجمالي للملقحين اليوم ١.٨ مليون وثمانمائة الف شخص بينما حكومتنا لا تزال تحبوا في محاولة تأمين اللقاح، طبعاً سيستعيد الكيان نشاطه الطبيعي خلال أشهر قليلة بينما نحن لم نزل نبحث عن الطريقة التي نقنع بها هؤلاء بالصمت وبعدها إقناع الناس باللقاح وإلى ذلك الحين سيستمر نزيف البشر بالإصابات والموت وإستنزاف الاقتصاد بالخسائر والافلاس وإستنفاذ طاقات المجتمع بخسارة قواه العاملة حتى يرضى أولائك يجب أن نبقى في المؤخرة في كل شئ يساعده تلكوء وتخبط حكومي وغياب استراتيجية فعلية ساقتنا إلى التعايش مع الموت والمرض والخسائر المتتالية.
طبعاً الخطوة الوحيدة الجسورة في وجه أولائك هي جعل التلقيح اجبارياً، وبمعاقبة كل متهرب منه وحتى مروجوا الأفكار غير العلمية فيما يتعلق بالمرض واللقاح، وحتى يتحقق ذلك يجب أن تكون الحكومة صادقة مع نفسها ومع الناس وتؤمن المطعوم لكل أفراد المجتمع وأن تضع خطة واضحة المعالم لألية التنفيذ والمدة الزمنية اللازمة متى نبداء متى ننتهي اما هذه السيولة والهلامية فتكفي فقط لإدارة حارة وليست دولة أصابها الوباء بكل مناحي الحياة فيها، يكفي لأن نفعل ذلك أن نلقى نظرة ولو خاطفة تجاه الغرب لنكتشف كيف تدار الأمور بحذاقة وذكاء ومؤسسية، وليس بإرتجالية عمياء.