عبدالله محمد القاق
تعد حرب الخامس من حزيران من اخطر الحروب التي واجهت الامة العربية حيث ما زالت تبعاتها قائمة باحتلال اسرائيل لاراضي الضفة الغريية وبضم القدس والجولان لحدودها واحتلال اراض لبنانية وقبول العرب منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 بمبدأ - الارض مقابل السلام -الذي ينص على العودة لما قبل حدود الحرب لقاء اعتراف العرب باسرائيل .-
ففي هذا اليوم تحيي الأمة العربية ذكرى النكسة من أجل التجديد للمواقف العربية في ان الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية المحتلة لن يستمر طويلا، وان تكاتف هذه الشعوب، يمكن ان يحقق المزيد من التعاون والتنسق والتضامن بغية إعادة هذه الأراضي المحتلة والتي تواصل اسرائيل قضمها، بل وزيادة المستوطنات في عديد مناطق القدس لا سيما في الشيخ جراح ووادي الجوز وشعفاط وحي البستان وسلوان ورأس العمود والسواحرة وغيرها ولعل هذه الذكرى تمر هذا العام في ضوء انهاء الانقسام الفلسطيني واقامة حكومة وحدة فلسطينية لبناء مستقبل فلسطين وكذلك عبر اصرار و تأكيد واضحين على ان عودة اللاجئين الى اراضيهم ستتم، وذلك عبر التظاهرات والمسيرات الكبيرة التي ستجوب الدول العربية والحدود مع فلسطين لمواجهة هذا الاحتلال الذي تُشكل المرارة والاحتقان والاحباط في هذه المناسبة الكارثية غير ان الأمل معقود على ضرورة التعاون من أجل انهاء الاحتلا واقامة الدولة الفلسطينيةوعاصمتها القدس الشريف
هذه النكسة المدمرة، على الشعوب (47) عاما تجيء هذا العام في اطار ثورة الربيع العربي التي كان من شأنها النهوض بالأمة لمواجهة هذا الاحتلال بشتى الوسائل، لا سيما أن الحرب النظامية السابقة مع الاحتلال الاسرائيلي اثبتت عدم جدواها بدليل انتصار العرب في حرب العام 1973 الأمر الذي حوّل هذا النصر العربي الى هزيمة استراتيجية لإسرائيل في مصر وغيرها من الدول العربية فضلا عن ان معركة الكرامة التي خاضها الجيش العربي والفلسطينيون جنباً الى جنب شكلت اول انتصار عربي على اسرائيل بعد حرب 1967 فاعترفت اسرائيل بالهزيمة على يد القوات الاردنية الباسلة في مناطق متعددة من غور الاردن. والأمة العربية -التي تواصل دعمها لربيع هذه الثورات- عرفت طريقها نحو الكرامة والحرية والاستقلال وبدأت تُعيد النظر بخططها واستراتيجياتها تجاه العدو الاسرائيلي الذي يسعى للسيطرة على المزيد من الاراضي وتدميرها لإيجاد حدود دفاعية جديدة بعد ان رفض نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل العودة الى حدود 1967 والتي اطلقها الرئيس الأمريكي اوباما مؤخرا بحضور رئيس الوزراء الاسرائيلي، فالاحتلال الاسرائيلي يسعى في هذه الذكرى الأليمة الى اقامة اكبر قدر من المستوطنات ويرفض التفاوض على مدينة القدس، وهذه الشروط الإسرائيلية كما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء له مع تلفزيون فلسطين تقضي على مضمون المفاوضات وتزيد من تمسك السلطة بالمرجعيات الدولية بخاصة أن الاحتلال الاسرائيلي يسعى الى تحويل المناطق الفلسطينية الى مناطق وكيانات تشبه العصور الوسطى من خلال الحواجز، وسياسة الـ"أبرتهايد" لأن اسرائيل تمارس سياسة التمييز العنصري وتريد اقامة دولة لليهود دون اي مسلم او مسيحي!. وهذه القضايا التي نستذكرها في الخامس من حزيران تؤكد بأن اسرائيل لم تكن جدية بشأن السلام، وانها تجسد ذلك من خلال أعمالها القمعية والعدوانية في القدس وممارساتها العدوانية في المسجد الاقصى والسعي لتقسيمه وحصارها الجائر على الفلسطينيين ، فضلا عن كونها عبر هذه السياسة تؤكد بأن الصراع العربي – الاسرائيلي ما زال يراوح في مكانه وان ارادة الشعوب لا يمكن ان تُقهر مهما كانت ادوات الاحتلال، فإنهم سيهزمون لأن الايام المقبلة عبر الثورات العربية حُبلى بالاحداث التي ستواجه المؤامرات والتحديات الاسرائيلية حتى ولو كانت مدعومة من اميركا او بعض الدول الاوروبية. ولعل المصالحة العربية بين الفصائل الفلسطينية وحماس وقوى التحرر العربي في مختلف الساحات التي تمت بالاسبوع الماضي ستُسهم في التحرير العربي من ربق الاستعمار الاسرائيلي للاراضي العربية، بحيث يؤكد العرب وقوفهم الى جانب الثورة الفلسطينية الباسلة بكل الامكانات وعدم تركها وحيدة في مواجهة عدو غاصب يمتلك الامكانات المادية والمعنوية التي يهدد بها امن واستقرار المنطقة فضلاً عن كونه يضم اضخم ترسانة نووية، غير ان هذه الترسانة التي تحتوي على اكثر من (200) قنبلة نووية، لن نستطيع مواجهة الغضب العربي العارم ضد هذا الاحتلال الغاشم، لأن الشباب العربي هم عماد هذه الثورات وكان لهم جميعاً الدور الكبير في استثمار مواقع الانترنت والفيس بوك والتواصل الاجتماعي لإعلان اهدافهم ومطالبهم ومشاريعهم ومواعيد انطلاق ثوراتهم، وتجمعهم على كل من الحدود الاردنية واللبنانية والسورية لإظهار غضبهم في يوم النكبة، الأمر الذي اثار الغضب الاسرائيلي وجعل قواتها تجري مناورات عسكرية على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية لمواجهة أي طارئ، وهذا يؤكد ان تجديد مشروع النهضة العربية، أصبح من المعطيات الجديدة المستلهمة من الحراك الشعب بغية تحرير الاراضي من الاحتلال الصهيوني والذي تتطلب المزيد من التضامن والتنسيق والتظاهر والاعتصام في مختلف الدول تعبيراً عن رفض الشعب العربي للاحتلال واصراره على النهوض بقضيتنا الوطنية فضلا عن تعزيز قدرة الشعب الفلسطيني وانسجاما مع روح المصالحة الوطنية بما يسهم بتعضيد قوة هذا الشعب العربي للصمود في انتزاع حقوقه الوطنية في الحرية والاستقلال، واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وتجسيد حق العودة الى المدن والقرى التي طُرد منها الفلسطينيون . رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية