حمادة فراعنة
في التدقيق بتفاصيل حياة الشعب العربي الفلسطيني بمكوناته الثلاثة:
1 - الذين ثبتوا في الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة منذ عام 1948، مرت عليهم ذكرى شهداء انتفاضة الأقصى الأول من تشرين أول أكتوبر 2000، زاروا قبور الشهداء وزرعوا المكان ورداً وثقة وأملاً بالغد، نحو المساواة.
2 - الذين صمدوا في مناطق الاحتلال الثانية عام 1967، في الضفة والقدس والقطاع، المتشبثون بأرضهم وعرضهم ووطنهم، أسوة بمن فعلوا قبلهم أبناء مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، هم العنوان والتحدي، والزاد اليومي من لحمهم في دفع الثمن نحو الحرية والاستقلال، لكل الوطن، وفق القرار الأممي 181.
3 - أبناء المخيمات وحلمهم في العودة، وتطلعاتهم وآمالهم ونضالهم في سبيل العودة إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، وإستعادة ممتلكاتهم وبيوتهم منها وفيها وعليها وفق قرار الأمم المتحدة 194.
هم الذين صنعوا الثورة، وأعادوا للشعب الفلسطيني هويته المبددة، وبنوا منظمتهم، وأرغموا العالم على الإقرار أنهم شعب موجود يستحق الحياة، كما فعلها أبو عمار في خطاب الجمعية العامة عام 1974، وأقروا ذلك يوم 29/11/2012.
وسواء من أولئك أو هؤلاء، ندقق بتفاصيل حياتهم، ينتابنا الذهول والرهبة، قسوة ما يواجهون، مظاهر اليأس مما يعانون، القسمة والتمزق مما يفعلون، حروب بينية عربية أكلت الأخضر واليابس، وبددت روافع عليها كانوا يراهنون، فرضت التراجع عن أشواط قطعوها، دفعوا ثمنها أرواحاً غالية، عبر مذابح كثيرة متعددة الأشكال والأماكن والأفعال، سنوات طويلة في السجون المظلمة والمعتقلات الفاشية، لعدو لم يفهم معنى أن تكون إنساناً يستحق الحياة.
ولكن.. مقابل القسوة والإحباط والعجز والتفتت، يجتاحنا الفرح والأمل، امتلاك الثقة بالمستقبل، لعناد أهل العراقيب في إعادة بناء بيوتهم لأكثر من 180 دورة هدم قامت بها أجهزة وأدوات سلطة المستعمرة، وخيمة الصمود في الخان الأحمر، ومسيرات التصادم ضد الاستيطان والجدار العازل، والمبادرات الفردية التي لا تتوقف.
عُرس جنان سمارة لم يتم، تأخر 18 عاماً، لأن عريسها عبدالكريم مخضر تم اعتقاله وأسره قبل العرس بأيام، فانتظرته 18 عاماً، وهي ترتبط به، بلا انفكاك، بلا يأس، ممسكة بالأمل، رغم العروض البديلة، وطول مدة الفراق، وأصرت رابطة مصيرها بمصيره كمناضل معتقل لدى زنازين ظلم المستعمرة.
نطفاتٌ تُهرب من ذوات المناضلين في سجونهم، يتم زرعها طبياً وعملاتياً في رحم زوجاتهم لينجبن أطفالاً، ليسوا أيتاما، يستحقون الحياة واستمراريتها، من عزيمة آبائهم ووفاء ولاداتهم، فمن يهزم هذا الشعب، الممسك بالأقصى والخليل وتراب الوطن المجبول بالتاريخ والشهداء والمقدسات كما هي كنائس المهد والبشارة والقيامة؟؟؟ من يملك القدرة على إلغاء التاريخ: أولى القبلتين، ثاني الحرمين، ثالث المسجدين، مسرى سيدنا محمد ومعراجه من مكة إلى السماء عبر القدس، وبشارة السيد المسيح وقيامته.
حاول من قبلهم التتار والمغول والرومان والتتريك ونابليون وحملات الاستعمار الأوروبي المتكررة، كل هؤلاء تمت هزيمتهم أمام جدار وجودنا، ومشروعهم الاستعماري الصهيوني العبري الإسرائيلي ستتم هزيمته، كما سبق تمت هزيمة الغُزاة، لأنه قام على باطل، روايته باطلة، برنامجه استعماري، تطلعاته توسعية معادية للحرية والسلام، ضد العدالة وحقوق الإنسان، ونسف المساواة بين بني البشر، ثقوا سيُهزم مشروعهم ولن يصمد أمام جدار طفولتنا التي لا تتوقف.