الشاهد -
ربى العطار
ليس فيروس كورونا هو مايقلق الناس بقدر مايقلقهم فتور همة الحكومة في التعاطي مع تداعيات انتشاره، وخروجها عن النص، بعد أن أصبحنا نلاحظ تضارب في التصريحات وتخبط في اتخاذ القرارات.
في مسألة تعليق الدراسة مثلاً، جميع أولياء الأمور يترقبون الأخبار والتصريحات لحظة بلحظة بخصوص تعليق الدراسة من عدمه، والذين وضعوا أبناءهم في مدارس خاصة يزعجهم الحديث عن تعليق الدراسة والتوجه للتعليم عن بعد، فلقد نالت منهم الأقساط التي تم دفعها مسبقاً لتسجيل ابنائهم، ومنهم من وقع على كمبيالات ولجأ إلى الاقتراض لتسديد المستحقات.
كما لوحظ بأن هناك حالة استياء واسعة بين الناس بسبب عدم فعالية هيئة تنظم قطاع الاتصالات والغياب الكامل لدور وزارة الريادة والاقتصاد الرقمي بسبب التغول الذي تمارسه بعض شركات الاتصالات من خلال رداءة الخدمات المقدمة منها، مثل الفايبر وآلية احتساب حزم الانترنت، أو حتى الاخلال بشروط العقود المتفق عليها بين الطرفين، فيما يتعلق بسرعة الانترنت والفصل الكلي لخدمة الهواتف المتنقلة بعد يوم واحد فقط من نهاية الاشتراك .
هناك ملامح كثيرة تدل على ان الحكومة اليوم، أصبحت تعمل بشكل "رخو" يختلف عن عملها في بداية الأزمة، وهنا نتساءل، هل هذا مقصود، أم أن الحكومة فعليا لم تتوقع أن تتعامل مع أزمة طويلة وبالتالي فقدت النفس في المتابعة وتركت المواطنين يتصرفون على مبدأ "دبر حالك".
لم يعد هناك خوف من فيروس كورونا في الأردن، هذا ليس تعميماً، وانما مشاهدات وأحاديث تدور في المجالس ونستمع إليها، فالخطر الذي يخشاه الأردنيون أكثر من الفيروس هو القرارات الحكومية، التي تنهش وتسحق حياة المواطنين دون البحث عن وسائل بديلة تساهم في وقف تغول هذه القرارات، التي لا يوجد منها ما هو في صف المواطن.
العدالة تقتضي أن نتحدث عن سلامة الاجراءات الأولية التي اتخذتها حكومة الرزاز في بداية الأزمة، كما تقتضي العدالة بأن نتحدث عن تخبط الحكومة في المراحل اللاحقة، فالموجة الثانية للفيروس ليس بسبب المواطنين ولا علاقة لها بوعيهم، إنما هي مرتبطة بخلل في اجراءات حكومية على المعابر الحدودية، والحكومة تصر على تحميل المواطن مسؤولية ذلك.
على كل حال، يبدو أن الوضع لن يكون أفضل، إلا إذا أعادت الحكومة ترتيب أوراقها وتلافت السلبيات وعظمت الايجابيات، وأعادت النظر في اجراءاتها، ودققت في القرارات المستعجلة من خلال البحث عن بدائل يكون لها أثر ايجابي أو تعرضنا لأقل الخسائر.