الشاهد - أعلن فريق بحثي من المبادرة العالمية لتقصي وجود المادة المظلمة 'زينون' عن كشف جديد للتجارب الخاصة بهم قد يفتح الباب للتعرف على المادة المظلمة، كونها واحدة من أكبر أسرار الكون على مدى أكثر من نصف قرن مضى.
جاءت البيانات الأخيرة من التجربة العالمية -بحسب إعلان المبادرة- لتقول إن عدد الأحداث أو التفاعلات الفيزيائية الحاصل في إحدى المحاولات كان أكبر بفارق أكثر من خمسين حدثا عن المتوقع، الأمر الذي قد يشير إلى وجود جسيمات جديدة لم نتمكن من رصدها بعد.
مكونات المادة المظلمة
تهدف هذه المبادرة العالمية منذ بدايتها عام 2016 بشكل رئيسي إلى الكشف عن جسيمات كبيرة من الكتلة ضعيفة التفاعل تحمل اللقب المختصر 'ويمبس' WIMPS، ويتصور العلماء أنها من مكونات المادة المظلمة، والتي تشكل 85% من المادة في الكون، في حين البقية هي المادة التي نعرفها وتوجد في النجوم والسدم وأجسامنا وكل شيء نعرفه.
وتحمل التجربة الخاصة بهذه المبادرة -وهي الأدق إلى الآن في هذا النطاق- اسم 'زينون' XENON بسبب أنها تستخدم 3.2 أطنان من عنصر الزينون المسال فائق النقاء.
ويفترض -بحسب التجربة- أن يكون طنان من تلك الكمية بمثابة هدف لبعض تفاعلات الجسيمات دون الذرية حينما تعبر بها، فتنطلق ومضات صغيرة جدا من الضوء والإلكترونات الحرة من ذرات الزينون.
وأشارت البيانات الأخيرة التي صدرت من التجربة إلى أن النتائج كانت 285 تفاعلا من هذا النوع، في حين يتوقع -بحسب إعلان المبادرة- 232 تفاعلا فقط، مما يعني أن شيئا إضافيا قد حدث، وهو ما أثار انتباه الباحثين.
جسيمات جديدة
يعتقد فريق من الباحثين أن هذا العدد الإضافي من التفاعلات الجسيمية قد يكون بالفعل بسبب أحد مكونات المادة المظلمة، إلا أنه يتفق بدقة مع التوقعات النظرية لجسيم دون ذري آخر يسمى 'الأكسيون' صادر من الشمس، افتُرض وجوده في السبعينيات من القرن الماضي، وهو أخف من الإلكترون بحوالي تريليون مرة.
ورغم أن هذه الأكسيونات الشمسية ليست مرشحة لتكون أحد مكونات المادة المظلمة، فإن اكتشافها سيكون بمثابة الملاحظة الأولى لفئة جديدة تماما من الجسيمات، الأمر الذي سيؤثر في فهم العلماء للفيزياء الأساسية لعلم الكونيات، خاصة في مراحل مبكرة جدا من تاريخ الكون، الأمر الذي بدوره سيطور فهمنا لطبيعة المادة والطاقة المظلمتين.
من جهة أخرى يعتقد فريق آخر من الباحثين أن تلك التغيرات قد تكون علامة أخرى على خاصية إضافية لفئة محيرة من الجسيمات دون الذرية تدعى 'النيوترينو' وسيكون ذلك أيضا إضافة هامة جدا لعلم الفيزياء الخاص بدراسة هذا النطاق.
مستقبل واعد
لكن رغم ذلك -وفق إعلان المبادرة- فإن وجود جسيمات جديدة ليس هو الاحتمال الوحيد المتاح، فقد يكون ما حدث سببه تفاعلات بعض نظائر الهيدروجين التي يمكن أن تتسبب في تفاعلات إضافية أيضا.
ويُنتظر أن تبدأ المرحلة الثانية من تجارب 'زينون' قريبا، حيث سيرفع الباحثون من كمية الزينون المسال فائق النقاء لتكون ثلاثة أضعاف، الأمر الذي سيعطي نتائج أدق عن تلك التفاعلات الإضافية، وقد يحدث بالفعل أن نقف على أول الطريق لفيزياء جديدة.