عبدالله محمد القاق
فيما نحن نودع العام الحالي 2013 بكل محاسنه وسلبياته المتعددة سواء أكانت من الناحيتين السياسية او الاقتصادية محلياً وعربياً، في ضوء ثورات الربيع العربي التي شهدت الكثير من التحولات والاقتتال بين الاخوة في الوطن الواحد، وهو ما جرى في مصر وليبيا وتونس والعراق وسورية، فالمطلوب منا ونحن نستعد للعام الجديد أن نتفهم شؤوننا وأن نعمل يداً واحدة من أجل مواجهة الصعاب والعقبات، لأننا كلنا فداء للوطن الذي يحمله كل منا في قلبه، خاصة وان الحفاظ على هذه الوحدة في عالمنا العربي، من أوجب الواجبات الآن حتى يستطيع عالمنا العربي عبور هذه المرحلة الصعبة وأن نؤكد على مبدأ الانتماء والمواطنة التي ينبغي أن تكون الميزان الذي توزن به القضايا المختلفة داخل الوطن وخارجه لأن تكون الميزان الذي توزن بالقضايا المختلفة داخل الوطن وخارجه لأن الجميع شركاء في خيره، وفي اقتسام التكلفة التي سندفعها جميعاً – لا قدر الله – اذا لم توحد امتنا العربية صفوفها وكلمتها لمواجهة كل التحديات، وهذا يتطلب منا نحن العرب، في مختلف امصارهم واقطارهم التركيز على بناء النهضة الجديدة على قاعدة التعاون والتفاهم والتضامن ونبذ الخلافات والتركيز على ما يجمعنا وليس على التفرقة.. فالعمل قيمة كبرى ينبغي التركيز عليها، والاعلاء من شأنها في نفوسنا جميعاً، وأن تأخذ حظها في تربية النشء عليها حتى يتخرج لدينا جيل بعيداً عن العنف ويعشق العمل ويتمناه.
واذا كنا واجهنا الكثير من المشكلات في وطننا العربي خلال العام الحالي، فاننا نتطلع بكل تفاؤل ان يعم السلام منطقتنا العربية خلال عام 2013، وان تذعن اسرائيل للقرارات الدولية بالانسحاب من الاراضي العربية المحتلة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وان تعود الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. وان يكون عالمنا الذي شهد خلال العامين المقبلين سفكاً للدماء البريئة، اكثر عدلاً وسلاماً يتجاوز حروبه وأزماته.. ويعالج مسببات التطرف والارهاب، وأن يلتقي العالم حول القيم المشتركة للانسانية وينأى عن ممارسات التمييز والتعصب وينشر الخير بين شعوب العالم.. وأن نُمضي معاً في الاردن وغيرها الى التطلع لمزيد من الاستثمار والمشروعات الانمائية وفرص العمل والمزيد من الوقوف الى جانب الأقل حظاً والاكثر احتياجاً من أبناء شعبنا كي تحل الاعوام المقبلة وهو أوفر حظاً وأفضل حالاً.
ولا شك أن رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور أوضح وحدد معالم الاردن في مناسبات عديدة، حيث قال “اننا في الاردن بلد المحبة والسلام نعيش مسلمين ومسيحيين في مجتمع واحد، ولا يوجد ما يفرقنا بل توجد كل الجوامع المشتركة لوحدتنا واننا نتمسك بالمبادئ والاسس الصادقة، لافتاً الى ان كل مَنْ في هذا البلد، هو نظير للآخر، دون فرق على الاطلاق. ومشدداً في الوقت ذاته الى ضرورة التكاتف لخدمة الوطن والمواطن والمحافظة على وحدة الاردن ونسيجه الاجتماعي. وهذه الدعوة يجب ان تكون ديدن الاردنيين جميعاً بغية تناسي الخلافات والاحقاد، والتطرف وأن يعملوا جميعاً للنهوض بهذا الوطن الغالي في شتى مرافقه ومجالاته في هذه المرحلة الحساسة.
لقد شهد هذا العام الذي نودعه المزيد من التغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية على المستويين الوطني والاقليمي والدولي، خاصة وان معطيات عديدة حدثت في عالمنا العربي وخاصة في سورية وغيرها، كان لها التأثير الكبير على الاردن سياسياً واقتصادياً وتحمل هذا البلد العبء الكبير في تحمل مسؤولياته بكل جدارة واقتدار، وكان في مقدمة هذه الانجازات والمكتسبات الكبيرة التي بذلها جلالة الملك عبدالله الثاني في بناء الانسان وتكوين شخصيته المتكاملة وتعليمه وتثقيفه وصقله وتدريبه، وهي في مقدمة الاهداف النبيلة والغايات الجليلة التي سعى اليها جلالته دائماً، وقام بتحقيقها من أجل توفير العيش الكريم لكل فرد من الاردنيين على هذه الارض الطيبة والمعطاءة دائماً.. وحرصه الكبير على تطوير مؤسسات التعليم العالي بمراحلها ومجالاتها المختلفة، ودوره الكبير في تحقيق التلاحم والتماسك بين أبناء الوطن.. وهذه الجهود لجلالته تهدف الى بناء اردن عصري مفعم بروح التفاؤل والعزم والاصرار، لتحقيق الأمن والرخاء والتقدم والازدهار وارساء القواعد المتينة التي تم عليها تشييد النهضة الحديثة والدولة العصرية.. فضلاً عن ترسيخ الديمقراطية باجراء الانتخابات النيابية، ليخرج المجلس النيابي الجديد، محملاً أعباء ومسؤوليات كبيرة يجري من خلالها تعديل القوانين والنهوض بمصالح الشعب.
ولعل من المهام المطلوبة للحكومة المقبلة بعد هذه الانتخابات الاسهام في جذب الاستثمارات للاردن، ووقف اية اتجاهات لرفع الاسعار كالهرباء والماء وغيرها والتكيف مع المتغيرات والاثار التي صاحبت الأزمة المالية العالمية التي تأثر بها الاردن ومختلف دول العالم بدرجات متفاوتة، واذا كنا نشيد بالانجازات الكبيرة للاردن وبحرية الراي والتعبير والحراك الشعبي والتظاهرات التي سارت في البلاد بصورة سلمية، والتي زادت عن عشرة آلاف تظاهرة مؤخراً فاننا لا بد وأن نشيد بدور اعلامنا الوطني، وخاصة – جريدة الدستور – التي لعبت دوراً كبيراً للتعبير عن وجهة نظر الاردن المشرقة والوضاءة. كما وأن صحافتنا الوطنية والالكترونية شهدت تطوراً ملموساً في سعيها الكبير لتعزيز اجراءات الحكومة لتطوير اعمال الدولة، ومكافحة الفساد والمفسدين ومواكبة التطورات المتسارعة في مجالي الاعلام والاتصالات على المستوى الاعلامي وفي مواجهة العولمة.
وبالرغم من الاوضاع المأساوية التي تمر بها سورية وبعض الدول العربية، الا اننا وبمنطق الفطرة والنظرة التفاؤلية نستقبل العام الجديد 2014 بروح يسودها الأمل وتمتلكها تباشيره خاصة ونحن نستعد لطي صفحة 2013 في تاريخ حياتنا السياسية العربية ونتطلع بكل ثقة الى أن تتكاتف كل الجهود لتحقيق الآمال والتطلعات والرؤى للقيام بواجبنا جميعاً على أكمل وجه في مختلف المجالات، والتعديل الحقيقي لبعض القوانين في المجلس النيابي الجديد وان نضع نصب أعيننا هدف التطوير والاصلاح والتعديل الحقيقي لبعض الأنظمة السياسية والاقتصادية والمحلية وقوانين العمل والتجارة، والاستملاك ونظم التعليم ومستقبله ومناهجه، وقضايا الفكري والثقافة وقوانين الاستثمار وحركة الاقتصاد ومردودها على دخل المواطن العادي، بالاضافة الى سن قوانين جديدة عبر مجلسنا المزمع انتخابه لانهاء قضايا الفقر والبطالة وتحسين مستويات ذوي الدخل المحدود في مختلف المحافظات.
وكلنا ثقة في ان تعود الى ساحتنا الوطنية العلاقات القوية العامة والخاصة، وان نفتح الابواب امام جميع المراجعين للاستماع الى اصواتهم وحل مشكلاتهم والاسهام في دعم المفكرين والادباء وشباب العلماء والنقاد والباحثين وتوفير الدعم والتأييد لهم.
الامل كبير في أن نمضي الى عام جديد وكلنا ثقة في بناء مجتمع اردني مستقر وآمن.. وسط هذه المنطقة التي تموج بالأزمات واراقة الدماء ومخاطر التطرف والارهاب.. مجتمع اردني يخطو بكل تفاؤل ومصداقية ومكانة على المستويين الاقليمي والدولي بحيث يعكس ثقل سياستنا الوطنية والقومية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، ودوره الريادي والفاعل حيال النزاعات في المنطقة، وبعزم لا يتزعزع على مواصلة جهودنا من اجل حل كل المشكلات الراهنة، وتحقيق القضايا العادلة لامتنا العربية واستقرار منطقتنا فنحن ولله الحمد نودع العام 2013 وبلادنا أحسن حالاً من غيرنا.. سلاماً وأمناً وانجازاً ونزداد تفاؤلاً بمستقبل الاردن وابنائه الذين يتطلعون نحو مستقبل مشرق، يحقق الآمال والتطلعات والأهداف الوطنية والقومية خلال العام المقبل وما يليه من اعوام.