رمضان الرواشدة
ما أن أعلن الأردن عن اكتشاف أول شخص مصاب بفيروس الكورونا المنتشر في العالم حتى تحولت وسائل التواصل الاجتماعي عندنا إلى ما يشبه ساحة الحرب وانطلقت عشرات الإشاعات تملأ جو الفضاء الافتراضي وتم نبش سيرة المريض وظهر اسمه على المواقع وانهالت مئات الاستفسارات عمن خالطه منذ ظهور الاعراض عليه.
ولم يقف الناس عند هذا الحد بل وصلت الإشاعات الى السوق الذي يعمل به وإلى تسجيلات تحذر الناس من الذهاب اليه رغم ان المصاب يعمل في الإدارة وليس له احتكاك مباشر بالناس ومع ذلك تم شن هجمة حتى على المولات الاخرى وتحذيرات من الذهاب اليها، ووصل الامر بالبعض الى الدعوة الى تعطيل المدارس والمؤسسات رغم انها حالة واحدة وهناك بلدان فيها مئات الحالات ووفيات ولم يصل بها الامر الى مثل هذه الدعوة.
الاشاعة في المجتمع تهدد حياة الناس وتقلقهم وتحيل حياتهم الى كابوس وحسنا فعلت الحكومة باجراءاتها التي اعلنت عنها في مرافقة الكشف عن الاصابة وبشفافية عالية لا تجدها في بلدان اخرى. الاجراءات الحكومية الصحية والاعلامية كانت على مستوى متميز ومميز اذ لجأت الحكومة الى طمأنة الناس عن حقيقة المرض وانتقاله وفتحت مراكز في الشمال والوسط والجنوب لاستقبال الحالات المشتبه بها وفق خطة واضحة وعملية.
في الحروب كنا نسمع عما يسمى بالطابور الخامس وهم نفر مرتبطون بالعدو يلجأون الى بث الاشاعات المغرضة في المجتمع وذلك من اجل بث الرعب واحباط الناس واشاعة حالة عدم التوازن بينهم وقتل الروح الوطنية لديهم من اجل ان لا يكون المجتمع رديفا لجيشه في مواجهة الاعادي.
ما نواجهه اليوم شبيه بالطابور الخامس لكن دون حروب خارجية بل هي حالة داخلية تأسست على الاحباط ودفع الناس الى حالة من السوداوية وعدم تصديق الاجراءات الحكومية وسبيلهم الى ذلك وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيسبوك وتوتير والواتساب وغيرها من وسائل اصبحت اداة لبث الرعب في المجتمع.
وحسناً فعلت الحكومة والنيابة العامة ووحدة مكافحة الجريمة الإلكترونية عندما تم تحويل عدد ممن قاموا ببث اشاعات مغرضة عن المرض وعن الأردن وعن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة إلى القضاء.
ولدينا في الأردن اليوم قدرة هائلة لدى المؤسسات المعنية لمواجهة التنمر الإلكتروني والإشاعات التي تستخدم وسائط التكنولوجيا الحديثة لبث الاشاعات المغرضة رغم أن من صنع هذه الوسائط والوسائل كانت غايته لاستخدامها في ما يفيد حياة الناس وليس ما يقلقهم ويبث الرعب بينهم.
الإشاعة الهدامة في زمن السلم تشبه الحرب النفسية والطابور الخامس في وقت الحرب وأظن أنه على المجتمع والدولة عدم التهاون مع مثل هذه الحالات حتى لا تتكرر في الأزمات التي من الممكن أن تواجه الدولة مستقبلاً.