القهوة طعمها تغير. قبل أن اقلع عن التدخين كنت شريب قهوة، من الصبح حتى المساء اشرب اكثر من عشرة فناجين. وطبعا قهوتي سادة بلا سكر، ولا استسيغ طعم السكر مع القهوة، واضافة السكر يعني أنك تحرق طعم القهوة، وتحرفها عن مسار ذائقتها على اللسان والقلب والمزاج. من يشربون القهوة مع السكر لا يحترمون القهوة ولا مذاقها الحارق. ولو ينضموا الى جماعة شاربي الشاي والنسكافية والسحلب بكون احسن لهم. وعندما اسمع احدا يطلب قهوة حلوة اشعر بالاشئمزاز والاهانة للقهوة. كل يوم اصحو، واول ما اشرب فنجان قهوة سادة بلا سكر. ومن طعم القهوة اعرف وجهة يومي وكيف سيكون، وماذا انتظر وماذا قد يحصل من خيبة وتعاسة وفح وحزن وغيرها، وكلما كان طعم القهوة مرا فان اليوم يكون حلوا وجميلا ؟ صدقوني، القهوة مفتاح القلوب. ورغم أنني خففت كثيرا من تناول القهوة. وعادت قهوتي يتيمة دون سيجارة. ومن لا يدخن يشتم الرائحة النقية والصافية للقهوة. في ايام تستقيظ مبكرا من اجل شرب القهوة، فكم أن القهوة قوية وجريئة وتنفض الصحو، وتخرجك من تعب النوم. واكثر منظر يستفزني قهوة الشوارع «الديلفري «، فكم أن منظر بيعها وشربها وشكل الكاسة الورقية مستفز و يهين القهوة؟ كاسة كارتونية من الحجم الكبير، ومكتوب عليها اسم القهوة. ويسكبها العامل باقل من دقيقة بعد غليها على نار قوية، ويجري في الشارع حاملا الكاسة لايصالها الى الزبون في سيارته «خدمة ديلفري «. منظر يفقد القهوة رونقها اللطيف والحفيف. القهوة طقوس في الغلي والسكب والتقديم والشرب، والقهوة أن كبر حجم الفنجان خسرت روحها. قهوة الشوارع لم ارها في بلد بالعالم، وقد زرت اكثر من عشرين دولة من اسيا الى افريقيا واوروبا ما لمحت عيناي بائع قهوة في الشارع العام. كل شيء يمكن ان يغش ويتلاعب به الا القهوة، والعرب قالوا ان :»القهوة تعشق «، بمعنى أنها روحها تشتم وتلتقط أي رائحة قريبة، واذا ما عشقت القهوة فانها تفقد طعهما وذائقتها، وتصير ترابا اسود. فلو يتركون لنا قهوتنا التي احببنا وشربنا. والعابرون لا يشربون القهوة، وليشربوا غيرها شايا ونسكافيه وسحلبا وسوائل اخرى ما داموا عابرين.ولا يسكنهم طقس الانتظار .
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.