بقلم : عبدالله محمد القاق ما زال لبنان يعيش في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة حيث سيطرت على التظاهرات الحاشدة عناوين رئيس تلخصت بمكافحة الفساد ورحيل المفسدين ومحاكمتهم واعادة الاموال المنهوبة من الوزارات الحكومية والحد من البطالة وتوفير الكهرباء . هذا و لم يكن طريق رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري منذ دخوله معترك الحياة السياسية مفروشا بالورود؛ فقد كان على الابن المصدوم باغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري أن يسير في حقل ألغام الداخل اللبناني. وعقب 14 سنة من العمل السياسي، تخللها ترؤسه ثلاث حكومات، يجد الحريري نفسه في "طريق مسدود" أجبره على الاستقالة استجابة لمطالب الشارع الغاضب، ورغبة منه في إحداث صدمة إيجابية وتأليف حكومة جديدة. وبين الصدمة الأولى الناجمة عن اغتيال والده، والتي دفعته إلى أعلى هرم السلطة، والصدمة الثانية التي اختارها الحريري لهزّ المشهد السياسي؛ تغيّرت الكثير من الأمور، فكيف كانت مسيرة الحريري السياسية في هذه الفترة؟ لم يكن سعد -ثاني أبناء رفيق الحريري من زوجته الأولى نضال بستاني، والمولود في العاصمة السعودية الرياض- مولعا بالسياسة؛ فقد اقتحم عقب حصوله على شهادة إدارة الأعمال الدولية من جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة عالم الأعمال. وعقب ترؤسه عددا من الشركات البارزة التي أسسها والده، ومن بينها "سعودي أوجيه" في الفترة الممتدة بين 1994 و2005؛ وجد الحريري الابن نفسه في عالم آخر لا يقل إثارة عن عالم الأعمال. لكن دخول الحريري عالم السياسة لم يكن بإرادته، فبعد اغتيال والده في تفجير موكبه ببيروت في 14 فبراير/شباط 2005، توقع كثيرون أن يتسلم الابن البكر بهاء الدين الحريري الراية ويتولى قيادة المحور السياسي الذي كان يقوده والده بحكم أنه الأكبر سنا والأكثر ثراء بين أفراد العائلة، ولكن لسبب ما تأخر الكبير وتقدم الشقيق الأصغر، وقيل في ما بعد إن السعودية رفضته واختارت بدلا منه شقيقه الأصغر سنا سعد الحريري، ليكمل مسيرة والده الراحل. وبهذا "التقدّم" شعّ نجم سعد الحريري؛ ليصبح أحد أهم أقطاب السياسة اللبنانية، وليتحمّل مسؤولية التركة السياسية لوالده، في حين قبل الأخ الأكبر الأمر على مضض. وفي أول خطوة، تزعم سعد الحريري تيار المستقبل، وشكل "تكتل قوى 14 آذار" الذي ضم قوى سياسية، من أبرزها تيار المستقبل بزعامته، والحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب الكتائب، والقوات اللبنانية. انتخب الحريري عام 2005 نائبا في البرلمان، ثم أعيد انتخابه لدورة البرلمان لعام 2009، وتمكنت "قوى 14 آذار" من الحصول على الأكثرية النيابية في الدورتين. ويوم 27 يونيو/حزيران 2009 كُلف سعد الحريري من قبل الرئيس ميشال سليمان بتشكيل الحكومة، لكنه واجه صعوبات عديدة ليعلن في العاشر من سبتمبر/أيلول 2009 اعتذاره عن تشكيلها. وعقب إعادة تكليفه من قبل رئيس الجمهورية، وجولة حوارات ومفاوضات شاقة مع مختلف التيارات السياسية؛ استطاع الحريري أن يعلن تشكيل حكومته الأولى ولقد واجهت حكومته صعوبات عديدة مع اقتراب صدور القرار الظني في جريمة اغتيال والده، حيث أصر وزراء حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر على طرح موضوع شهود الزور بالقضية، وطلب إحالتهم إلى المجلس العدلي. وفي ظل هذه الأزمة السياسية استقال وزراء تكتل الإصلاح والتغيير وحركة أمل وحزب الله في 12 يناير/كانون الثاني 2011 من الحكومة، وارتفع عدد الوزراء المستقيلين ليصل إلى 11 وزيرا، مما أفقد الحكومة نصابها الدستوري وجعلها حكومة مستقيلة. بعد سقوط حكومته، غادر سعد الحريري لبنان عام 2011 ليعيش بالمنفى الاختياري متنقلا بين فرنسا والسعودية، ثم عاد في أغسطس/آب 2014 في ظل فراغ موقع رئاسة الجمهورية بعد انتهاء فترة الرئيس ميشال سليمان واستقطاب حاد في الساحة الداخلية.
في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2016 كلف الرئيس ميشال عون سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة بعد تأييد معظم النواب والكتل البرلمانية، لا سيما كتلة التغيير والإصلاح التي كان يرأسها عون.وبهذا التكليف عاد سعد الحريري الذي شغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 2009 و2011 إلى السراي الحكومي في إطار صفقة تسوية أدت إلى انتخاب عون رئيسا في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2016 منهيا فراغا في الموقع الأول للبلاد استمر 29 شهر.ا خلال الانتخابات النيابية التي جربت في مايو/أيار 2018 تراجع حزب الحريري (تيار المستقبل)، وحصل على 21 مقعدا فقط، مما يعني خسارته ثلث المقاعد التي فاز بها عام 2009، مقابل فوز حزب الله وحلفائه بأكثر من نصف المقاعد. وبعد انتظار استمرّ تسعة أشهر، من تكليف عون للحريري بتشكيل حكومته الثالثة، أعلن الحريري تشكيلها من ثلاثين وزيرا في 31 يناير/كانون الأول2019. لكن هذه الحكومة التي لم يمض على تشكيلها عام واحد، تواجه أزمة عاصفة منذ نحو ما يزيد عن شهر من الاحتجاجات الكبيرة المطالبة برحيلها، وتشكيل حكومة كفاءات، وإجراء انتخابات مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الفساد المستشري ومحاسبة المفسدين!.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.