الشاهد - يقول المثل الشعبي :”من عضّته الحيّة يخشى من الحَبْل”، ولأنّنا لُدغنا في خاصرتنا قبل سنة بفاجعة البحر الميت، وفقدنا واحداً وعشرين شخصاً أغلبهم من الأطفال، إضافة إلى أكثر من أربعين جريحاً، صرنا نسمع في كلّ يوم تقريباً التحذيرات من السيول، وأحياناً دون وجود نشرة مؤكدة لمجيئ الأمطار!
في مثل هذا اليوم، قبل عام، كان الأردن كلّه واقفاً على رجل واحدة، يلهث في متابعة الأخبار المؤسفة المحزنة التي بدأت تتوالى منذ الليلة الماضية، ومع الأرقام المتصاعدة في عدد الضحايا ألغى الملك زيارة مهمّة له إلى البحرين، وزاد الأمر تعقيداً إنهيار جسر أعاق عمليات البحث، وبدأت وسائل الإعلام بتسمية ما حصل بالفاجعة.
كُنّا نتابع إنتشال الجثث على الهواء مباشرة ودموع الحزن تملأ عيوننا، ونُراقب عمليات الإنقاذ ودموع الفرح تملأ قلوبنا، وصحيح أنّ ذلك اليوم تكشّف عن تقصير في عدّة أماكن رسمية، ولكنّه أعلن لنا عن بطولات أردنيين ستظلّ علامة فارقة في التكاتف والتكافل والتضحية.
أعصابنا إستنزفت على مدى يومين، واتسمت تصريحات وزيرة الإعلام جمانة غنيمات بالشفافية في عدم إخفاء الحقائق مع كلّ تطوّر جديد، وأعلنت فوراً عن فتح تحقيق رسمي، وأكّد الدكتور عمر الرزاز أمام مجلس النواب مسؤولية الحكومة، ولعلّها سابقة لم نر مثلها من قبل، ولم تتمّ “اللفلفة” والتهرّب، وأمس أعلنت الحكومة عن الاجراءات التي قامت بها خلال السنة، لمنع تكرارها.
الكوارث الطبيعية تحدث في كلّ أنحاء العالم، ونسمع عنها في كلّ يوم، وذلك ما حدث معنا في ذلك اليوم الحزين، ومع استذكارنا لأرواح الضحايا بقراءة الفاتحة والدعاء بعدم تكرارها، ينبغي أن يكون شعارنا:”لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين”، لا أن يتحوّل إلى :”من عضّته الحيّة يخشى من الحَبْل”، فنستمع يومياً إلى تحذيرات من غير جهاز حكومي أو أهليّ بداع وبلا داع، ورحم الله موتانا، وللحديث بقية!
" الرأي"