الشاهد - باسم سكجها
ربّنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، وللحبيبة دولة الكويت، نقول: لا تؤاخذينا بما فعل السفهاء منّا، ونضمّ صوتنا إلى ما قاله رئيس الحكومة الدكتور عمر الرزاز: «تعادلنا في المباراة وخسرنا في المدرجات»، فتلك الهتافات المارقة المستفزّة لا تمثّل حتّى أصحابها لأنّهم مجرّد دهماء، لا يعرفون ما لهم وما عليهم.
ومع كتابة هذه السطور، نعرف أنّ جلالة الملك إتّصل بأمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح مؤكداً على أنّ الكويتيين في الأردن بين أهلهم وعزوتهم، وأنّ أيّ إساءة لهم هي أساءة لنا، وأنّ أيّ تعرّض للكويت الشقيقة هو تعرّض لنا.
وبعيداً عن كرة القدم، فعلينا الاعتراف أنّ قرار الرئيس الراحل صدام حسين اجتياح الكويت، واعتبارها المحافظة التاسعة عشرة للعراق، كان قراراً انفعالياً، أخذنا إلى ما نحن عليه من تشتّت للأمّة، وأتى إلينا بالجيوش من كلّ حدب وصوب، ولا ننسى أنّ أوّل من استشهد في احتلال الكويت كان الحبيب الشهيد الشيخ فهد الأحمد، وكان سيظلّ من أيقونات المقاومة الفلسطينية، والمحزن أنّه طلب الشهادة دفاعاً عن فلسطين، ولاقى ربّه وهو يدافع عن أرضه العربية الكويتية من إحتلال الشقيق.
الكلام يطول حول هذه المسألة، ولا أنسى أنّني قابلت الراحل عُدي صدام حسين في بغداد، بُعيد الهدوء على جبهات ١٩٩١، في مكتبه باعتباره رئيس اللجنة الأولمبية، فحدّثني عن «الانتصارات غير المعلن عنها، وعن خاله الذي حاصر خمسين ألف جندي أميركي في الناصرية»، وحين سألته عن أصل الأمر حيث إحتلال الكويت، لم يُجب سوى بالسكوت، وعلامات وجهه تشي بالرضوخ إلى أنّ الأمر كان خطأ، وتلك حكاية يمكن أن تُروى في مكان آخر.
أنا شخصياً، وقعت في فخّ تناول الكويت، في تلك الأيام، فقد غابت عنّا كلّنا عقولنا، ولكنّني سرعان ما ملكت أمر عقلي، فما جرى أكبر من كارثة تاريخية، وفي يوم وصلتني دعوة من منظمة الشفافية الدولية لزيارة الكويت، والتحدّث أمام جمع من المثقفين فأجبت بالقبول، واستدركتُ بأنّ الكويت لن تقبل وجودي فيها، ولكنّ الأمر كان عكس ذلك تماماً، فقد وصلتني التأشيرة في اليوم التالي، وكُنت بعدها أمام ذلك الجمع المثقّف.
وكما أقول، الآن، عن موقف أردني رسمي يعتذر للكويت عن شعارات دهماء في مباراة كرة قدم، فقد قدّمت شخصياً إعتذاراً علنياً على موقفي السابق، داخل الكويت، لأنّنا ظلّمنا الدولة التي قدّمت للعرب مجلة «العربي»، واستضافت ملايين العرب عبر عشرات السنوات، ولم تبخل بكرمها على كثير العرب، ولم تمنّ على أحد، وهي الآن كما العادة تقف حاملة راية التصالح في الخليج والعالم العربي كله، فاعذرونا يا أحبتنا الكويتيين على ما فعل بعض السفهاء منها، فلكم كلّ القلب وليس بعضه، وللحديث بقية.
basem.sakijha@gmail.com