فارس الحباشنة
إعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو فرض السيطرة على غور الاردن وشمال البحر الميت وضم المستوطنات بالضفة الغربية اعلان تصفية قسرية للقضية الفلسطينية.
وثمة ضرورة ملحة لوقفة فلسطينية وعربية، ووقفة أردنية تتمسك بالثوابت الوطنية. الاعلان اعتبر في منطوقه السياسي بمثابة اطلاق رصاصة الرحمة على بقايا القضية الفلسطينية، وفي اطار مشروع السلام الجديد وما يسمى «صفقة القرن « والمسارات الاسرائيلية المدعومة أمريكيا :اعلان القدس عاصمة لاسرائيل وضم الجولان ومستوطنات الضفة الغربية والغاء الاونروا ومحو حق العودة.
فماذا تبقى من القضية الفلسطينية والسلطة الوطنية في الضفة الغربية على الواقع والخيال ورقاع الخرائط ؟ فمشروع الدولة، وما يسمى حل الدولتين مفتاح السلام الاردني -الفلسطيني مع الكيان الصهيوني محاصر بمسارات صفقة القرن، فأي دولة فلسطينية تبقت في الضفة الغربية ؟ ونصف الضفة الغربية مجزأ ومقسم الى كانتونات استيطانية وجدار العزل العنصري، والنصف الباقي في الغور وشمال البحر الميت اعلن نتنياهيو النية للسيطرة عليها.
والسؤال التالي لاعلان نتنياهو أين سيذهب سكان الضفة الغربية ؟ فضم الاراضي يعني أن السكان سيتم تهجيرهم قسريا وطوعيا الى الاردن، وهي الوجهة الوحيدة المتصلة جغرافيا، والمخطط بحسب سيناريوهات و ترتيبات صفقة القرن بان تقوم باستقبالهم.
ترحيل الازمة السياسية والديمغرافية الفلسطينية على حساب الاردن. في ادبيات السياسة يطرحونها باطار كونفدرالية وفدرالية مع الضفة الغربية، وتأتي في أطار لادارة كانتونات السلطة الوطنية وحل مشكلة اللاجئين على حساب الاردن وسيادته وهويته ومصالحه الوطنية.
لربما أن اعلان نتنياهو بما يتعلق بضم الجولان يرتبط بسياق استراتيجي وجغرافي /سياسي، ولكن الغور وشمال البحر الميت مخاطره أبعد واعمق بما يعني تصفية نهائية للقضية الفلسطينية، وحلها على حساب الاردن بأمرين رئيسين وهما الارض السيطرة الاسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية وانهاء مشكلة الوجود العربي -الفلسطيني في الضفة الغربية وكما تصورها مرجعيات دينية اسرائيلية متطرفة بانها التحدي الاكبر والاخطر ليهودية الدولة.
ماذا يمكن أن يعمل الاردن ؟ بلا شك أن اسرائيل الجديدة مشروعها يكبر يوما بعد يوم. اسرائيل ما عادت الكيان الاستيطاني المرتجف خلف أسوار العزلة والدعم المطلق الغربي والامريكي، اسرائيل تمد ذراعيها في المنطقة، وتسترخي، واسرائيل تخرج من صفائح التوراة المقدسة مشروعها الاسطوري اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات.
اردنيا من الحتمي أن يواجه اعلان نتنياهو مسارات صفقة القرن بالرفض القاطع لاعتبار ان هذه المخارج تمثل تهديدا للوجود والمصالح والامن الاردني. وحتى ما نسمعه في الاعلام عن مساعدات وتمويل مالي مرتبطة بانفراج مسارات صفقة القرن وما بعدها، وما يروج كما جاء في مؤتمر البحرين عن تنمية ومشاريع كبرى ستغرق المنطقة في نعيمها.
بلا شك التحدي الأردني صعب. وثمة عناوين سياسية في المجال الاردني يتراقص من خلفها مشروع السلام الاسرائيلي -الامريكي الدولة المدنية والحقوق الزائدة والناقصة، والمجتمع المدني الممول، واستعداد نخبة من ساسة التمويل الاجنبي لتبني الترويج للاردن الجديد والسلام الجديد والتصفية النهائية للقضية الفلسطينية.
موقف الممانعة والصد للمشروع الامريكي -الاسرائيلي بلا شك لن يكون أردنيا فحسب، فالفلسطينيون شعب مناضل ومازالت قوى وطاقات النضال فاعلة وناشطة وحية في روحه، وقابلة لان تتفجر لتكون خطوط صد وممانعة لأي مشروع يستهدف تصفية قضيتهم ومحو حقوقهم الوطنية والتاريخية المشروعة.