النقابي إبراهيم حسين القيسي
ما أشبه اليوم بالأمس ونحن نرى ونشاهد خلافا وجدالا بل صراعا حتى كسر العظم بين فئتين في مصر، فكل طرف يدعي أنه صاحب الحق الحاصل على البيعة, الإخوان يقولون أنهم جاءوا إلى الحكم بإرادة الصندوق أما جماعة العسكر وحركة التمرد إضافة لجبهة الإنقاذ فحجتهم هي أن جماهير ثلاثين يونيو قد حسمت الأمر بإتجاه عزل الرئيس المنتخب لفقدانه الشرعية الجماهيرية، أما وجه الشبه بين اليوم والأمس فهو ذلك الخلاف بين عليٍ ومعاوية في صدر الإسلام الذي بلغت ذروته في معركة صفين تلك التي هلك فيها ما يقارب سبعون ألفاً من الصحابة والتابعين، لكن في ذلك الزمن لم تكن هناك قوى عظمى تتحكم في العالم ولم يلجأ علي أو معاوية طالباً للنصرة من الروم أو الفرس كما هو حاصل في يومنا هذا، الخلاف على الحكم وعلى الكرسي هو ديدن وسلوك العرب عبر التاريخ وأن الحكم دائماً كان لا يستقر لطرف إلا بالقوة والغلبة والدماء، مهما بلغ نوع وحجم الحكم فلا بد من الدماء والقتل فهذه فتح وحماس منذ ثمانية أعوام لم يتفقا على رأب الصدع والوحدة فكل طرف يدعي الشرعية والأحقية في الحكم والسلطة، ولو أن هناك حدودا وتماس بين الفصيلين لكانت الدماء لا زالت تسيل بلا توقف وكذلك القتل، وهذه هي سوريا فقد تجاوز عدد القتلى المئة ألف والجرحى بمئات الألوف والخراب والدمار يعشعش في كل مكان ولم يحسم بعد مصير السلطة والكرسي، ومن قبل ذلك كان العراق الذي مضى على إسقاط نظامه عشر سنوات وها هي المفخخات تضرب شوارع ومدن العراق وقراه بعنف ودموية وبلا توقف، الحقيقة أننا نحن العرب أمة لا تزال ثقافتها لم تستوعب بعد الأساليب الديمقراطية التي ينتهجها الغرب فقط لأننا لا نعتبر ولا نتعظ من الدم والقتل، الغرب الديمقراطي عندما إنتهج هذا السبيل كأسلوب حياة كان قبل ذلك قد مارس الحروب والقتل الشنيع وآخرها الحربين الكونيتين الآخيرتين تلك الحربين التي هلك فيها ملايين البشر واستمرت لسنوات فكانت نتيجتها أنه لا يمكن أن تستقر السلطة والحكم لجهة أو شخص إلا بإرادة الشعوب، وطالما أننا لا نزال نستهين بإرادة الشعوب بل نقوم بتزوير إرادتها في إنتخاباتنا فلنُبَشِر بمزيد من القتل والدماء والتشرذم والضياع، حتى نصل إلى قناعة راسخة أن لغة الحوار هي الأصوب والأجدى وأن صناديق الإنتخابات هي الوسيلة الوحيدة لإستقرار الشعوب وتقدم الأمم.
ibrahim_alqaisy@hotmail.com