الشاهد - ربى العطار
بدأ الخميس الماضي مشحونا منذ بواكير الصباح، فجوانب الطريق من دوار الداخلية باتجاه تقاطع الرابع كانت مسيجة بسلسلة من رجال الأجهزة الأمنية وباصات الدرك المحمية "بالشبك".
كل المارين بهذا الطريق "موظفين، طلاب، مسؤوليين، وغيرهم" كانت عيونهم تنظر باهتمام بالغ لطول السلسلة البشرية التي يعتمر أفرادها خوذة الشغب، وسؤال واحد يباغتهم "خير ، شو في، شو صاير" .
وفي مساحات أخرى ، انطلقت صيحات النداء من نقابة المعلمين لدعوة أعضائها ومنتسبيها للتجمع من كافة مناطق المملكة للالتحاق بالحشد الرئيسي الذي سيتخذ من تقاطع الرابع مقرا له، لكونه الموقع الذي يحمل رمزية خاصة، فهو الذي أطلق عليه سابقا دوار المعلم لأنه ساهم في الضغط للموافقة على تأسيس نقابة، ولتأثيره الذي دفع رئيس الوزراء السابق لتقديم استقالته.
في هذه الأثناء كانت اقلام الفتنه والمنشورات المسيسة ترسم ملامحها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، فهذا يشتم المعلم والآخر يهين الأجهزة الأمنية.
اندفع المعلمون من معظم المحافظات حاملين مطالبهم للوصول إلى الرابع مع علمهم بالتحذير المسبق من تعطيل الدوار , الذي فعلا كان معطلا بالاغلاقات المفروضة من الشرطة ، وكان البديل الرسمي هو دعوة المعلمين لإقامة وقفتهم امام مجلس الأمه.
وبين تعنت الرأي الحكومي والأمني وإصرار المعلمين على الرابع، أصيبت شوارع عمان بالشلل، وسيارات الإسعاف والاطفاء دوت مطولا، والموظفون من القطاعات والفئات الأخرى استمروا لفترة إضافية مجانية في الشوارع، والأهالي حائرين بأبنائهم في المدارس هل هي إجازة أم دوام، خصوصا وأن وزارة التربية والتعليم تقول بأن الدوام طبيعي لكن الأهالي يشاهدون المعلمين قد ملأوا الشوارع.
أصبح موعد الظهيرة، لكن غاز التفريق حجب الشمس وأعطى جرعة سعال واحمرار في العيون.
لم يكن الواقع الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي خاليا، كان الضجيج يملأ المكان ويزدحم في صفحات الشبكة العنكبوتية.
انطلقت المقارنات بين المعلمين العسكريين (رواتبهم، ساعات العمل، العطل والإجازات. ...الخ).
وتبنى فريق معارضة احتجاج المعلمين باعتباره جاء مع بداية العام الدراسي رغم وجود عطلة صيفية طويلة، وتبنى فريق معارض لإجراءات وزارة الداخلية وتجاهل وزارة التربية والتعليم.
في هذه الأثناء كانت بيانات متبادلة بين الطرف الحكومي والطرف النقابي تغطي أشرطة العاجل في قنوات الأخبار الإلكترونية والفضائية.
تم توقيف معلمين وجرى إسعاف رجال درك وشرطة وأيضا معلمين بسبب اختناقات الغاز المسيل للدموع والتدافع المستمر.
أحزاب سياسية دخلت على الخط وأرسلت بيانات وتصريحات صحفيه تعرب فيه عن أسفها من أسلوب الحكومة في التعامل مع حق المعلمين في إبداء رأيهم، حتى أن بعض الأحزاب خصصت صفحاتها الرسمية كمنصة رصد إخبارية منحازة للمعلم على حساب الطرف الآخر.
أخيرا، جاء بيان إنهاء الوقفة الاحتجاجية على لسان نائب نقيب المعلمين مع الإعلان عن بداية تصعيد جديد عنوانه الإضراب العام يوم الأحد القادم.
هدأت عمان وتنفست شوارعها بصعوبة.
قرارات لاحقة أسفرت عن الإفراج عن الموقوفين من المعلمين، ليبدأ مؤتمر صحفي شارك فيه وزير التربية والتعليم وليد المعاني برفقة وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين.
المؤتمر كان لبيان واقع الحال وموقف الحكومة من إضراب المعلمين .
المعلمون اعتبروا بأن المؤتمر استفزهم فأصروا على إضرابهم بعد أن سمعوا عدة عبارات مثل: ( مجلس النقابة الرابع انقلب على اتفاق المجلس الثالث مع الوزارة حول المسار المهني) وعبارة (أن الحكومة ستلجأ للقضاء ).
نائب نقيب المعلمين رد على المؤتمر ببيان نفي، وأكد خلاله بأنه "سيتم زيادة 1% على 50% عن كل يوم تتأخر فيه الحكومة عن الاستجابة لمطالبهم".
كل هذا يحدث ولا عزاء للطلبة وأهاليهم.