الشاهد - افتتح بيت الثقافة والفنون المهرجان الشعري (الجاكرندا) الأول، يوم الخميس الماضي، إيمانا بأهمية إفساح المجال للمقطع الشعري الأردني الشمولي، والذي يتيح الفرصة للجمهور الثقافي أن يشتبك بأنماط شعرية متنوعة، حيث يهدف المهرجان إلى عدم إقصاء تلك الأنماط وترك المجال للجمهور والنقاد للتعامل مع تلك التنويعات، ومن أهم أهداف المهرجان إيجاد بيئة ثقافية مناسبة يمارس بها المثقفون دورهم في التعريف بالشعر والشعراء، وإطلاق الحوار الحر تجاه تلك الأنماط، وبدأ المهرجان الذي قدمته الكاتبة منتهى السفارييني بالسلام الملكي.
وتلى ذلك كلمة الافتتاح للشاعرة الدكتورة هناء البواب رئيسة المهرجان ومما قالت في كلمتها: «منذ أن منَّ اللهُ على بيت الثقافة والفنون بالانطلاقِ نحو فضاءاتِ الحرية، ومنذ أن رُفِعت القيودُ عن الأقلامِ والحناجر، سعينا إلى إيجادِ المبادرات التي تُسهِم في تنشيط الاتجاه الأدبي، وتُعلِي من مراتب الشعر العربي، عبر إقامةِ المهرجانات الشعرية، وجمعِ الشعراءِ في محافلَ خاصة، وفي موطنٍ مقدسٍ يستمدُّ قداستَه من كلماتهم، ليُدلي كلُّ واحدٍ منهم بدلوه، ويُنشدَ ما عنده ويَصدحَ بما جادت به قريحتُه، فاليوم نفتتحَ مهرجانِنا الشعري في نسخته الأولى، والذي يحملُ اسم (الجاكرندا) تلك الشجرةُ الجميلةُ التي تعلي قيمة الجمال والحب، وهي من الأشجار الريشيّة الرقيقة، ومن عجب لو عرفنا أن من أخشابها تصنع الأصابعُ السوداءُ لآلة البيانو، فنحن اليوم نتطلعُ أن يكون هذا المهرجانُ نسخةً فريدةً ومتميزةً ، فهو وإن كانت عوائدُه تنضوي على ما انضوت عليه الساحة الأردنية من أهدافٍ وفوائدَ جَمّة، ولكنّ الجاكرندا اليوم هي مناسبةٌ جيدةٌ لتجمُّع الشعراءِ ومريدي الشعر في هذا المكان ، لترعاهم العنايةُ الجمالية وتشملهم قلوب المحبة، أيُّها الأخوةُ والأخوات: إن ما يسرُّ القلبَ ويُقرُّ العينَ ويُبهجُ النفسَ، أن يتمتَّع الطرفُ، برُؤيةِ الوجوه المشرقة التي حضرت هذا المهرجان، بهذا الإقبال، وهذا يدل على مدى الوعيِ الحاصلِ لدينا وتفاعلِنا مع أهداف هذا المهرجان، وشوقِنا الشديدِ للعودةِ بالشعرِ العربي الفصيحِ إلى مشاربِه الأولى وجذورِه الأصيلة، وإيمانِنا بأن القصائدَ الشعرية التي تُلقى في هذا المهرجان إنما هي دررٌ منتقاةٌ وروائعٌ مصطفاةٌ تُزيِّنُ الحفلَ وتُبهجُ الحضور.»
وبدأ القراءة للشاعر صلاح أبو لاوي الذي أنشد لفلسطين وللوطن أرق قصائد العشق التي حملت جنحان القضية من حب وروح لاتتكرر، ومن قصيدة «يا وطني» والتي يقول فيها:
«لا أحتاج لمعجزة
لأشم الزعتر بين الواو وبين الطاء
أو خارطة
لأرى لون الدحنون النازف من أرواح الشهداء
أحتاج فقط للياء
حتى لا أفقد صوتي
حين أنادي
يا وطني».
ثم تلاه في القراءة الشاعر أيمن العتوم الذي بدا حاملا لهم القضية الإسلامية معبرا عنها في كلمات للقدس وما يصير إليه حالها، وانتقل المكان للشاعر أحمد أبو سليم وهو يشدو حبا، فالشاعرة عطاف جانم مما قالت في قصيدة بيروت:
«بيروت تغلق بابها بالغيم
إلى روح عفاف حمدان
يا ويح قلبي!
كيف ينتحلُ الصحابُ دمَ الضباب!
فوق الغياب يحلقون
هل يرسلون لنا ورودا جففت
ما بين أوراقِ السَحاب؟
بالله قولي يا عفاف
أرأيت كيف (الروشة الصماء) تندف من حشاشتها الشجى!
بيروت تغلق بابها بالغيم
تمضي بالندى».
وقرأ الشاعر الشاب أيمن الشريدة قصيدة قال فيها:
«دمــهُ تـفــرّق في حــروفِ رســالـتـه
مـذ شـقّ نـصلُ الشعـرِ صـدر عـبـارتـه
لـم يـأكــل الحــزن الشــديــد فــؤاده
لكـن تـجـرأ،.. مـس طــرف وســادتـه
مــا ضــره... لـيــلٌ تــأزر بـالـهـمـــومِ
فـهـمـهُ... يخـفـيـهِ تـحــت عــبـاءتــه
كـم لامست يدهُ السمـاء وبعثـرت فيهـا النـجـوم
مفـتشًا عـن غايتـه
فـي الشـهقـة الأولــى تـنـبـأ عــارفٌ
قــرأ الشـقـــاءَ علـى شـفــاهِ ولادتـه».
وتابع القراءة الشاعر عيد النسور، ثم تبعته الشاعرة وردة سعيد وختم الشاعر أحمد طناش شطناوي بنص:
«يحتاج موتا لا يشي بنهايته
أو صفعة تنسيه بؤس بدايته
يحتاج أن يبكي ليحضن نفسه
ليقد رعشة خوفه بشجاعته
لكن بعض الموت ليس يفيده
أو ربما يطوي فصول روايته
أو يوشك القلق المخبئ تحته
أن يحتويه مؤملا بخسارته
لن يستريح ولن يعود لبعضه
فلكل حال قصة لغوايته
لا بد أن ينمو ويورق صدره
أملا ويثمر في خيوط عبائته»
وكان ضيف شرف المهرجان لليوم الأول الشاعر الناقد عبد الرحيم جداية. وسيكون اليوم الأخير للمهرجان يوما تكريميا لعدد كبير من الشعراء الذين ساهموا في إثراء المشهد الثقافي الأردني.
الدستور