الشاهد -
مرّة أخرى تنتصر الإرادة الحرّة على قيود الظلم، وينتصر الأسير على سجّانه، وترفع الضحية رأسها في وجه جلادها.!
.. ومرة أخرى تثبت الرياضة أنها أحد الخيوط الرئيسية في نسيج المجتمع، صغر أو كبر.. حتى وإن اتسعت رقعته لتشمل العالم بخيره وشره.
وعندما يكون احتلال الآخرين وسلب إرادتهم هو النموذج الأبشع للشر، فإن الوقوف إلى جانب الحق من غير مصلحة هو أجمل ما في الخير.
.. ومرّة أخرى يُقدّم الأسرى الفلسطينيين درسًا جديدًا في الصبر وقوّة العزيمة وطريقة قهر العدو وإذلاله، وهي ذاتها المرة التي كشف فيها أحد نجوم العالم عن معدنه الحقيقي.
قبل سنوات قليلة رفع المهاجم المالي المسلم فريدريك عمر كانوتيه عن قميص إشبيلية الإسباني ليقرأ العالم اسم فلسطين بكافة اللغات، وقبل أيام سجل حسابه على التوتير واحدة من الوقفات النادرة مع رياضي تعرض لأبشع أنواع الظلم، ليس لأي سبب سوى أنه فلسطيني.
الأسير المحرّر محمود السرسك لاعب كرة القدم الفلسطيني وضع روحه على راحته وتحدّى جبروت الاحتلال مضربًا عن الطعام لمدّة 94 يومًا من أجل نيل حريته وكرامته، فانتصر في النهاية ليعانق الحرية بذراعين مشرعين وقلب مفتوح.
لقد كان للاتحاد الدولي بكرة القدم (الفيفا) موقفا استثنائيا من قضية السرسك، غير أن الوضوح تجلى أكثر ما تجلى في موقف كانوتيه المشرف.
وطالب المهاجم الدولي المالي السلطات الإسرائيلية بإطلاق سراح السرسك، المُضرب عن الطعام، احتجاجاً على اعتقاله منذ ثلاث سنوات دون أن يخضع للمحاكمة.
وكتب كانوتيه في حسابه الشخصي إن الديمقراطية تقتضى منح السرسك محاكمة عادلة، أو إطلاق سراحه مباشرة، مندداً باستمرار اعتقاله بشكل تعسفي وعدم خضوعه لأي محاكمة عادلة.
وحرص اللاعب المسلم على كتابة تعليقه بثلاث لغات هي الإنكليزية والفرنسية والإسبانية، لضمان وصول الرسالة لأكبر قدر ممكن من زوار صفحته ومتابعي أخباره.
يشار إلى أن الأسير المحرّر محمود السرسك تعرض للإعتقال التعسفي في شهر تموز/ يوليو العام 2009 بينما كان متوجّهًا من قطاع غزة إلى الضفة الغربية لتوقيع عقد مع أحد الفرق الرياضية الفلسطينية.
ومنذ ذلك الوقت لم تقدم للسرسك أي تهمة، كما لم يخضع لأي محاكمة، وهي الإجراءات التي تتبعها إسرائيل ضد أغلب المعتقلين حيث يقبع المئات منهم في المعتقلات ويُجدّد توقيفهم إداريًّا كل ستة أشهر وهي ممارسات لا تستند لأي قانون وتُشكّل انتهاكًا حقيقيًّا لحقوق الإنسان وللقوانين الدولية.
طريق الحرية طويل وشاق، وقضية الأسرى كانت وستظل تُوحّد الفلسطينيين خلفها، غير أنها شهدت ولأول مرة انخراط المجتمع الرياضي العالمي فيها.. والسبب كانوتيه والسرسك.