«الشمع لا يذوب مرتين» لمحمد الرحبي .. حكايات من عالم الصحافة
16-02-2019 04:12 PM
الشاهد - لا يمكن للإنسان أن يعبر من النهر مرتين، هي المقولة التي ربما أوحت للكاتب العُماني محمد بن سيف الرحبي بعنوان الكتاب «الشمع لا يذوب مرتين» الصادر عن الآن ناشرون وموزعون بعمّان. والشمع إذ يستعيره الكاتب بدلالتين متضادتين، فهو يشير للزمان والأثر في آنٍ معًا، فالشمع يتلاشى في احتراقه، لكن هذا الاحتراق هو مصدر النور والتنوير. في عتبة الكتاب هو العنوان يلخص ما أراد أن يقول في العنوان الفرعي للكتاب «تجربتي في الصحافة» التي تنطوي على احتراق حقيقي للأعصاب، ولكنه -دون ارتدادات نفسية للمفردة- يمثل احتراقا لذيذا بما يرى من وهج الحروف والكلمات وهي تشع على الورق في مقالة أو تحقيق أو حوار أو قصة إخبارية أو ما يتصل بفنون الصحافة. ويستعيد الكاتب بحنين متسائلا، كيف انفرط عقد السنوات، ولم نقبض على ما يكفي من حياة، وهو يقصد أن هذه المهنة التي تُسمى مجازا السلطة الرابعة تأخذ الكائن وتحولّه إلى ماكنة تركض وتركض وراء أحداث ووقائع، ربما لا تخصّه، ولكنها تأكل عمره. ويقول قبل ثلاثين عاما اتخذتُ القرار البسيط والعادي أن أختار السير نحو الصحافة، فغرق فيها، ويقول ما حببني في الصحافة، أنك تنتظر كل يوم حكاية، هي هدية كما يسميها، وهي حكاية الكاتب مع ما يتنفسه من حبر الطباعة والزمن الذي يضبط عقاربه مع صوت المطبعة الذي يهدر بأصوات الفرح والحزن والصور. ومهنة الصحافة، يعني أن تمشي على حبل مشدود بين أن تكون ضد أو مع الحكومة، مستدركا جئنا في الزمن الصعب، من طفولة محرومة، وسرنا في زمن متباين الاتجاهات والتوجُّهات. ويقول الكاتب: دخلت عالم الصحافة من حيث لا أحد حريص على أن يعلّم أحدا شيئا، وما تستطيع تعلّمه عليك الفوز به باجتهادك، هو نبت من الصخر أو مقارعة للجدران التي تنبني في المؤسسات الصحفية، وفي مواقع الخبر والظلال التي تحكم سير الخبر ولأي سبيل يسير. هي حكاية شخصية مع الحبر وهدير الماكنات، ولكن الكاتب يراهن على العبور بها نحو العام في ما لا تخون الذاكرة، ويكتب عن القرية والدراسة وبداية العمل، ثم دخوله «بلاط صاحبة الجلالة».ويتوقف عند تحولات الصحافة وفضلها عليه وعلى المجتمع الذي يصفها حياة في الحياة، ملتفتا إلى ما يدور في كواليس الصحافة ودهاليزها، مستدركا في «ما بعد الحكاية» وكصحفي محترف، فقد بقي حريصا في ما يكتب أن يتيح المجال فيما قال للتأويل الذي يمكن أن يفهم خطأ، فبقيت حساسية المحرر تمثل ضابطا للرقابة الذاتية التي «تفلتر» الجمل والمفردات والفقرات التي يعي معها أن «مدير التحرير» يفرض علاقات ملتبسة ومرتبكة وشائكة مع كثيرين، في الصحيفة وخارجها. الكتاب الذي زُين بلوحة للفنان العراقي علاء بشير يقع في 130 صفحة من القطع الوسط مرفقا بصور توضيحية تبين تحولات الطباعة الصحفية في سلطنة عمان. هي كما يقول الكاتب الرحبي، حكاية بسيطة لإنسان بسيط جاء من قريته وليس في جيبه حتى الأحلام، كي يدعي أنه جاء ليحققها، لم يعرف سوى أن يمضي، وكما يقول: وعشنا وعشنا وعشنا.. عمل في الصحافة لأكثر من ثلاثة عقود، شغل منصب مدير تحرير، وكان خبيرا إعلاميا بمكتب وزير ديوان البلاط السلطاني، ومديرا عاما لمؤسسة بيت الغشام ورئيس تحرير لمجلة التكوين. أسس ملحق شرفات الثقافي، وتولى رئاسة تحرير مجلة الثقافية الصادرة عن مركز السلطان قابوس للثقافة والفنون. وقدّم تجارب روائية وقصصية ومسرحية وسردية في 27 كتابا، وكتب عمودا يوميا بجريدة الشبيبة وقدم برنامجا تلفزيونيا على قناة عُمان الثقافية بعنوان أسئلة. صدر له مجموعة من الروايات منها: «رحلة أبو زيد العماني»، «الخشت»، «السيد مرّ من هنا»، «الشويرة»، «اسمها هند»، «حيتان شريفة»، وست مجموعات قصصية، في المسرح وأدب الرحلات والمكان فاز بجائزة الشارقة للإبداع العربي، وعدد من الجوائز المحلية في السلطنة.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.