قصائد تمعن بالذات وندوة تتأمل العلاقة بين الشعر والترجمة
16-01-2019 02:10 PM
الشاهد - أقيمت يوم أمس الأول الأمسية الشعرية الأولى، في مهرجان الشارقة للشعر العربي، في دورته الـ17، بمشاركة نخبة من الشعراء العرب، وقدمت الأمسية الكاتبة صفية الشحي، وبدأها الشاعر المصري إيهاب البشبيشي، فقرأ قصائد منها (تـُـقـال لا). لغة فيها فيض من أسئلة الذات الشاعرة وهي تحاور أحاسيسها وهواجسها والزمن في بوح شعري أخاذ ومن قصيدته نقرأ: «تَجيءُ على موجة البوحِ/ عند الصُّداع الأخير من الليلِ/ بَسمتُها أم تلوذ فرارا/ تُراوغني كغُبار الطواحينِ/ أم تتمشى الأماكنُ في بؤرة الروحِ/ والزمنُ المتكلِّسُ في سُدَّة العمرِ/ يَنحلُّ عنها انحسارا/ أُسائلها أم أخال/ وبالضوء من ظِلِّهِ ثِقلٌ/ ومواطئُ مُسوَدَّةٌ/ خلَّفَتْها على الأرجل الطرُقاتُ..». الشاعر التالي ضمن هذه الأمسية كان طلال سالم من الإمارات و تضمنت قراءاته الشعرية قصيدة بعنوان (نهايات البداية) فيها حرقة الشاعر وهو في حالة من المكاشفة تجاه الشعر والآخرين حيث هو لا يقدر على القول بالقصيدة ملاذا واقامة وطفولة مفتوحة على العوالم والاكوان: «حسد قديم في المدى يتوسد/ ودمي المباح على القصيدة يسجد/ وأَمرُ أطوي بالجريد لفائفي/ وهناك حيث أمر أبقى أولد..». وكانت القراءة تاليا للشاعرة العمانية شميسة النعماني، التي تماهت مع الوجع بشيء من الشجن في ضرب من تداعيات الذات وهي تنشد السلوى لأحزانها كل ذلك وفق ما يعتمل داخل أنثى وما يفضي اليه الوله والعشق من تعب وخسارات. ومن قصيدة (نَبِيُّ الوَجَعْ) نقرأ: «حَزِينَةٌ دَمْعُهُ.. أو قُلْ بِها وَجَعٌ/ إِذا تَصَدَّقَ مِنْها الرُبْعَ.. صارَ نَبيْ/ لا جَمْعَ يَتْبَعُهُ إِلا نَوائِحُهُ/ وكُلَّما جَفَّ مِنْهُ الحُزْنُ عادَ صَبيْ/ كُلُّ النهاياتِ تُشْفى مِنْ بِدايَتِها/ إِلَّاهُ يَشْقَى بِحُزْنٍ فيهِ كَالنَّسَبِ». إثر ذلك قرأ الشاعر عمر الراجي قصيدة عنوانها فِي «مَعْنَى النَّشِيدِ»، كانت مفعمة بالتفاصيل التي يمنحها الشاعر أبعادها الجمالية في ألوان من الموسيقى والحلم حيث البلاد والأمكنة، ومن القصيدة نقرأ: «لِلْأُغْنِيَاتِ سَحَابُها الْمُمْتَدُّ/ مِنْ أَقْصَى الْبِلادِ/ إلى سَوَادِ بِلادي/ ولَهَا حُدُودُ الَّلحْنِ/ جِسْرُ وُصُولِها: هَذا الْمَدَى/ مُتَوَاتِرُ الْأَبْعَادِ/ ولَهَا اكْتِمَالٌ طَاعِنٌ في النَّقْصِ/ لا يَنْمُو/ ولايُفْضِي إِلى الْمُعْتَادِ!». و جاء دور الشاعر (جاكيتي سيك) من موريتانيا ليقرأ قصيدة قال فيها: «هناك.. أعانق وجهَ الصباح ووجهَ المساء/ ووجهَ المقادير؛ وجهَ التصاوير/ وجهَ الخرافة في كفِّها كأسُ ماء! هناك.. أعانق «أيوبَ» جِسمًا يموت وروحًا تُصلِّي/ وقلـبًا يصوم التّجني على نفسه في قنوت! هناك.. أُعاين في بصمات عيوني../ حدائق من «سدرة المنتهى» تَتَدلى لِـتُشرق في بطن حوت..». وضمن فعاليات المهرجان نفسه أقيمت ندوة حملت عنوان «الشعر والترجمة.. تقاربٌ وفيّ أم تباينٌ خلاق»، شارك فيها شعراءَ ومترجمون، وجاءت على جلستين، شارك في الجلسةِ الأولى: د. بهاء عبدالمجيد – مصر، ود. حنين عمر – الجزائر، والشاعر نزار سرطاوي من فلسطين. وتحدث د. بهاء عبدالمجيد حول اشكالية ترجمة الشعر من العربية الى الانجليزية وايضا من الانجليزية للعربية ومحاولة البحث في ماهية اشكالية الترجمة والاجابة على السؤال الشعر والترجمة، واستعرض بعض النماذج، والمحاولات من المترجمين، والمستشرقين لترجمة الشعر العربي. وتساءلت الدكتورة حنين عمر: هل هناك جرائم ترجمة؟ وأجابت بنعم، في بحثها «ترجمة الشعر: لا تضف شيئا...لا تحذف شيئا». وفي ورقته الموسومة بـ»ترجمة الشعر: نص بين رؤيتين» قال الشاعر نزار سرطاوي: «تختلف ترجمة الشعر اختلافًا بيّنًا عن ضروب الترجمة الأخرى، بما فيها الترجمة الأدبية على اختلاف أجناسها. وإذا كان المترجمون عمومًا يأخذون بعين الاعتبار خصوصية اللغة. فإن مترجم الشعر لا بد له أن يأخذ في الحسبان خصوصيةً أخرى في إطار خصوصية اللغة، وهي خصوصية الشعر. وهذا ما يجعل من ترجمة الشعر مهمةً تنطوي على تحديات كبيرة. الجلسة الثانية التي أدارها الناقد نواف يونس شاركت فيها الدكتورة هند سوداني بورقة بعنوان «ترجمة الشعر كتابة شعرية جديدة»، ود. أحمد الحريشي بورقته الموسومة بـ»الترجمة والأجناس الأدبية». وأعقبت كلّ جلسة مداخلات مع الحضور أثرت الندوة، وقام الباحثون بالردّ على كلّ المداخلات، والأسئلة. يذكر أنّ البحوث جمعت في كتاب صدر عن بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة، من إعداد وتقديم الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، وحمل عنوان «الشعر والترجمة.. تقاربٌ وفيّ أم تباينٌ خلاق».
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات
أكتب تعليقا
رد على :
الرد على تعليق
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن
الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين
التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.