بقلم : عبدالله محمد القاق
احسنت مديرية هيئة الاعلام الأردنية بتحذيراتها من التعاطي في اعمال الشعوذة لان ظاهرة السحر والشعوذة وخصوصًا في المجتمعات العربية، تعد مشكلة من المشكلات القديمة المتجددة عبر الزمن، وذلك نتيجة انتشار وسائل الاتصال التي تسهل هذا العمل الخبيث، حيث يلجأ إلى هذه الأعمال الأشخاص ضعفاء الإيمان بربهم، والذين تمتلئ قلوبهم بالحقد والحسد، ويدفعهم ذلك إلى الإضرار بالناس، فالبعض يتخذ من أوكار السحر والشعوذة ملجأ وحلاً لمشكلاتهم الزوجية أو العائلية أو المهنية وما شابه ذلك، ويغرقون في مستنقع الجهل رغم أن أغلب مرتادي أماكن السحر والشعوذة من المثقفات والمتعلمات اللاتي يشغلن مناصب مرموقة ومعروفة
ويعتبر السحر من أخطر الأمراض الروحانية، التي تسلط على شخص أو عدة أشخاص، وهو من فعل الإنسان ويختلف عن باقي الأمراض الروحانية، لأنه لا يفرق بين إنسان تقي وآخر غير تقي أو إنسان مؤمن أو كافر فالكل معرض لأذاه، ولكن ينعم الله عز وجل ويحمي من يشاء من خلقه
والواقع ان البيان الذي صدر عن هيئة الاعلام جاء في وقته و يؤكد على أهمية وضرورة التجريم لهذه الممارسات وذلك لما له من أثر على المتضررين ولحماية الناس، حيث إن موضوع السحر والشعوذة أخذ بعدًا عميقًا في مجتمعاتنا بحكم أن الظاهرة زادت بين الناس، وأصبح البعض يستغل أمور الشعوذة في عملية الاحتيال والنصب على مرتاديها من يلجأون للسحرة والمشعوذين بحجة حل قضاياهم ومشاكلهم الاجتماعية والعملية، لا سيما وأن هذه الأعمال كانت سببًا في حدوث تفكك بين الأسر والعوائل بحيث أصبح معالجتها أمر لازم وواجب، قام المشرعون بالتعاطي كجزء مكمل لقانون العقوبات وبإمكان المتضررين اللجوء للقضاء والإبلاغ عن أي شخص محتال ومشعوذ وهذا يدعو الى أهمية توعية كافة فئات المجتمع حول ضرر السحر والشعوذة وعقوبته وحكمه في الإسلام، والسعي إلى مكافحة هذه الظاهرة والقضاء عليها من جذورها وذلك من خلال وسائل الإعلام ووزارة التربية والتعليم.
ومن البدهي القول انه في عالم اليوم والذي يتصف بالتطور الدائم أصبح من المهم أن يكون لكل جريمة نص يحكمها ويعاقب من يرتكبها، ويجب ان يكون واضحا الضرب بيد من حديد تجاه من يزاول هذه الممارسات التي تتنافى مع الدين والعادات المجتمعية بهدف التكسب منها من خلال إيهام المجني عليهم بحصولهم على منفعة، والتي يتم التعامل معها على اعتبارها عملا من أعمال الاحتيال فقط، رغم ما تخلفه من توابع وآثار مجتمعية سلبية كبيرة..
والواقع إن السحر والشعوذة لها آثار مدمرة على الأسرة تحديدا، وللأسف فإن البعض رغم ذلك يلجأ له، وهو ما أجده من وجهة نظري يعود في الأساس لضعف الوازع الديني أو الجهل بهذه الأمور، خاصة وأن العديد من هذه الأعمال تمارس باسم التداوي بالطب الشعبي، استغلالاً لهذه المهنة التي لها أصولها وباتت علمًا يدرس في الجامعات فضلاً عن أن السحر والشعوذة يعتبر نوعًا من أنواع النصب والاحتيال خاصة وان النصب والاحتيال الذي يهدف الممارسة من ورائه الحصول على نفع غير مشروع لنفسه أضرارًا بآخرين باعتبار إن جوهر النصب هو الخداع، أي أن يقوم الجاني بأفعال السحر من أجل خداع المجني عليه للحصول على نفع مادي منه وذلك بإيهامه بأنه بإمكانه شفاءه من مرض يعاني منه أو تحقيق هدف أو غاية يطلبها لغرض بنفسه وبهذا يكون القانون قد نظر إلى الركن المادي لهذه الأفعال باعتبارها طرق احتيالية تدخل ضمن جريمة النصب أو وسيلة من وسائل النصب التي نص عليها القانون على سبيل الحصر.
وحيث إن أثرها إذا قصد الفاعل إيقاع شخص في الغلط، مثال على ذلك قيام الساحر أو المشعوذ أو العراف بإيقاع شخص في الغلط عن طريق اتهامه بأنه مسحور أو أن الجان يسكنه، أو إذا قصد الفاعل إبقاء شخص في الغلط الذي كان واقعا فيه، ومثال على ذلك أن يتوهم شخص أنه مسحور أو أن الجان يسكنه فيذهب إلى هذا الساحر أو المشعوذ ويتعمد إبقاءه في الغلط الذي كان واقعًا فيه، وإيهام الناس بوجود واقعة غير موجودة أو إخفاء واقعة موجودة أو تشويه حقيقة الواقعة، مثال على ذلك إيهام الآخرين بأن هنالك قوى خفية تسيطر عليهم وتعمد تشويه الحقائق. هذا إلى جانب استخدام وسائل خفية تخالف الشرع والدين والقانون، وجميع هذه الأفعال يجب أن تقترن بالقصد الجنائي لكي يعاقب فاعلها.
و اننا نناشد أهل التشريع من تجريم الذاهبين لأهل السحر والشعوذة حتى نستطيع وقف ومنع هذه الخرافات والدجل والشعوذة واقتلاعها من جذورها.
والواقع أن السحر في اللغة هو ما لطف وخف، أما في الشرع فهو تمائم وعزائم منها ما يفرق ومنها ما يمرض، وللسحر أنواع منها: سحر تفريق لقوله تعالى «فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه»، والنوع الثاني سحر تخيل ولقوله تعالى«يخيل إليهم من سحرهم إنها تسعى».
بالإضافة الى أن هناك أعراضًا للسحر تظهر على المسحور في اليقظة حيث يشعر بضيقة في الصدر وصداع في الرأس وكراهية للعبادة إلى جانب التغير المفاجئ لأهله في تصرفاته وكلامه وأسلوبه، أما في المنام فأنه يرى أحلامًا مزعجة كالقطط والكلاب السوداء والعقارب والثعابين.
وان ديننا الحنيف حرم السحر بكافة أنواعه وأنه كفر ولا يجوز في قوله تعالى «واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولاً إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضآرين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون» سورة البقرة الآية 102
وفي السنة، قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من سحر فقد كفر»، مشيرًا إلى أنه لا يجوز أيضًا الذهاب إلى السحرة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «من ذهب إلى عراف أو كاهن فصدقه كفر بما أنزل على محمد»، أما بخصوص حكم الذي يتعمد بالضرر بالآخرين بالسحر فهو مفسد لقوله تعالى«ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين
اننا نناشد أهل التشريع تجريم الذاهبين لأهل السحر والشعوذة حتى نستطيع وقف ومنع هذه الخرافات والدجل والشعوذة واقتلاعها من جذورها" ونقول احسنت ياهيئة الاعلام بالتحذير من هذه القضية التي تفشت يشكل ملحوظ في البلاد بغية الكسب والاحتيال والاقدام على عمليات النصب والاحتيال" ».
.رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية