المحامي موسى سمحان الشيخ
قد يكون مبكرا أن نقول مع الكاتب الصهيوني جدعون ليفي "سنرحل سنرحل، فشعب فلسطين أصعب شعب في التاريخ، يبدو أن طينتهم تختلف عن باقي البشر" ليفي هذا وفي مقال طويل عريض استعرض باختصار المآسي والعقوبات التي أنزلها شعبه في الفلسطينيين تنكيلا وتشريدا وذبحا وقهرا، فوصل الى هذا الاستنتاج، لا ليس مبكرا كثيرا أن نقول ان بداية النهاية وعلائم الوهن بدأت تعتري المشروع الصهيوني كما أثبتت معركة غزة الأخيرة ذلك بقوة واقتدار وترافق ذلك أيضا مع انتصار أممي جديد لصالح القضية الفلسطينية وضد آخر احتلال في التاريخ وحتى لو لم تنفذ قرارات المجتمع الأممي الصادرة لصالح فلسطين كالعادة فإن الكيان الغاصب محشور اليوم في الزاوية تماما رغم أنف المؤيدين والمصرين على تكبير حصته بالمفاوضات العبثية الرخيصة المموجة.
معركة غزة الأخيرة مرغت أنف العدو بالوحل فمن غرفة العمليات المشتركة انطلقت مئات الصواريخ على المغتصبات الصهيونية وطالت عسقلان والسبع وليس فقط مغتصبات الغلاف المذعورة، 13 فصلا مجتمعين وفرادى اتحدوا ميدانيا مؤكدين دور الوحدة الوطنية فيما تحقق في الميدان وبالبارود ، ولم ينفع الصهاينة قبب واشنطن الحديدية التي لم تفلح في اعتراض سوى عددا قليلا من صواريخ القسام والسرايا والشعبية بل وكل الفصائل المناضلة التي تعهدت أن توصل صواريخها الى تل ابيب عاصمة الكيان المزعومة، وسيبقى في الذاكرة دوما وعلى طريقة حزب الله: رؤية الباص وهو يحترق بمن فيه عساكر الظلم والطغيان واعلان المقاومة الغزية عن عمليات بطولية أخرى آن اوان الاعلان عنها، ثلاثة ايام مجيدة صنعت غزة هاشم المقاومة خلالها أورع صور البطولة والرجولة.
أما تداعيات "النصر الغزي" فلم تقف عند حد استقالة ليبرمان العنجهي السكير العربيد ووزيرة أخرى، لقد احتل تحالف اركان اليمين الصهيوني برمته، وبدأ المستوى الصهيوني السياسي والعسكري برمته في حيرة شديدة وارباك تام وبدأ الحديث يتزايد عن الذهاب لانتخابات مبكرة يطمح نتنياهو من خلالها في حال حدوثها الى انقاذ ما يمكن انقاذه.
الأزمة بين نتنياهو واركان حزب البيت اليهودي تتعمق بينما يسعى نتنياهو عبر لقاءاته مع قادة الاحزاب الصهاينة الى بحث امكانية استمرار حكومته بضم 61 عضوا مؤيدا من أصل 120 اجمالي أعضاء الكنيست.
المعركة الأخيرة بانتصارها المجيد رفعت معنويات الفلسطينيين والعرب عموما بغض النظر عن الشوائب ، وبدا ذلك ليس من خلال النصر على الارض فقط إنما من خطاب السنوار المجاهد القسامي الذي أرسل عدة رسائل وكلها تصب في الاستمرار في مواجهة العدو ومنازلته وضد التطبيع الذي غدا موضة عربية رسمية علنية، وبالاصرار على الوحدة الوطنية ضمن الثوابت الوطنية، واللافت دعوته لاستنهاض الضفة الغربية لانقاذها مما هي فيه. غزة المناضلة القوية تعيد الأمر الى نصابه.